{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ} ،لأن للسفاهة مقاييس وعلامات تخضع للاهتزاز في الفكرة أو في الشخصية ،فماذا وجدتم في أفكاري من ضعفٍ ،وماذا اكتشفتم في شخصيتي من اهتزاز ؟هل ناقشتم طريقتي في الدعوة ،ومنهجي في الفكر ،وأسلوبي في العمل ؟وهل درستم هذه الطروحات التي أطرحها عليكم في آفاق الإيمان ؟إنكم لم تفعلوا ذلك كله ،فكيف تحكمون بغير علم ؟!لقد قالها هذا النبي بكل روحٍ هادئةٍ عقلانيةٍ ،توحي بأننا إذا كنّا نتحرك في أجواء الدعوة إلى الله ،فإن علينا أن نواجه أسلوب السباب والاتهام الّلامسؤول ،بالأسلوب الهادىء الذي يعمل على إثارة التفكير في عقول هؤلاء الشاتمين والمتهمين ،فإن ذلك قد يتحول إلى صدمةٍ عقلانيةٍ تقودهم إلى الموضوعية في حكمهم على الأشياء والأشخاص .
وهذا ما يحاوله الدعاة إلى الله ،الأدلاّء على سبيله ،الذين لا يشعرون بأنهم يتحركون من مواقع ذاتية في مواجهة ردود الفعل السلبية القاسية ،بل يتحركون من موقعٍ رساليٍّ ينتظر تحطيم مقاومة هؤلاء الضالّين ،بالإصرار على الموقف الهادىء الكفيل بدفع الضالّين إلى احترام الفكرة الهادئة التي يطرحها الرسل من خلال احترامهم للعقل الهادىء الذي يوحي به الموقف الرسالي الواعي ،الذي تمثَّل في موقف هود كنموذج حيٍّ رائد ،عندما قال:{لَيْسَ بِى سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّى رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَلَمِينَ}