ويتابع نوح حديثه مع قومه ،فيوجههم إلى التفكير في السماء وفي القمر والشمس ،وفي حياة الإنسان على الأرض ،وفي عودته إليها وخروجه منها ،وفي الأرض التي مهّدها ليسهّل على الإنسان سكناها ،وشقّ فيها السبل ليسهل عليه سلوكها ،ليزيد بذلك معرفتهم الكونيّة التي تفتح لهم آفاق المعرفة الإلهية في ما تؤدي إليه من الإيمان بالله والخضوع له .
{أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقاً} قد لا يراد من الرؤية هنا ما يصل إليه الإنسان بنفسه من طريق الحسّ أو من طريق العقل ،لأن ذلك لم يكن متوفراً لهؤلاء أو لِمَن بعدهم في تعدّد السماوات وفي تحديد عددها ،بل ربما يكون المراد تقرير هذه الحقيقة بالإِيحاء بثباتها ووضوحها كما لو كانت شيئاً حسناً ،في ما هو وضوح الرؤية الحسيّة ،أو كما لو كانت شيئاً عقلياً قاطعاً في ما هي المعرفة العقلية الواضحة .