التّفسير
خلقكم اللّه من الأرض كالنبات:
كان نوح( عليه السلام ) يبيّن للمشركين المعاندين حقائق عميقة ومستدلة ،إذ كان يأخذ بهم إلى أعماق وجودهم ليرون حقائق هذه الآيات ( كما مرّ في الآيات السابقة ) ودعاهم إلى ما خلق اللّه من علامات في هذا العالم الكبير ،فكان يسير بهم إلى تلك الآفاق{[5467]} .
يبدأ أوّلاً بالسماء فيقول: ( ألم تروا كيف خلق اللّه سبع سموات طباقاً ){[5468]}
«طباقاً »: مصدر من باب ( مفاعله ) بمعنى «مطابقة » ،وأحياناً تأتي بمعنى وضع الشيء فوق شيء آخر ،وتأتي أحياناً أُخرى بمعنى مطابقة ومماثلة شيئين أحدهما مع الآخر ،والمعنيان يصدقان هنا .
وما طبق للمعنى الأوّل أنّ السماوات بعضها فوق بعض ،وكما قلنا في سابقاً حسب تفسير السموات السبع فإنّ كل ما نراه من الكواكب المتحركة والثابتة بالعين المجرّدة أو غيرها هي من السماء الأولى ،ثمّ تليها السموات الست الأُخرى متطابقة بعضها فوق الأُخرى ،ولم يصل علم الإنسان إلى هذه المرتبة فعلاً ،ولكن يمكن في المستقبل أن يتطور علم الإنسان فيكشف ما في السموات من عجائب الواحدة بعد الأُخرى{[5469]} .
وعلى الاحتمال الثّاني فإنّ القرآن يشير إلى مطابقة وتناسق السماوات السبع في النظم والعظمة والجمال .