{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} لأن الذكر المتواصل الدائم يفتح في قلبك نافذةً على الله ،فلا يتطلّع القلب إلى غيره ،ولا يغفل عنه ،فينبض بمحبته وبالرغبة إليه في مواقع الرجاء ،وبالخشية منه في مواقع الخوف ،وبذلك تتصل حياتك بالله ،وتندمج بوحيه المتحرك في أوامره ونواهيه ،وتتربَّى على الروحية التي تنساب في كل معاني العظمة والجلال والجمال في ذاته ،لتكون في أفكارك ومشاعرك ومواقفك إنسان الله ،كما يحب الله ويريد .
{وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} قيل إن التبتل مأخوذ من البتل ،وهو القطع مثل البت ،ويراد منه هنا الانقطاع إلى الله ،بالانصراف عن الدنيا والإِقبال عليه .وقد جاء في بعض أحاديث أئمة أهل البيت( ع ) ،أن التبتل رفع اليد إلى الله والتضرع إليه ،وربما كان ذلك بلحاظ الجانب التعبيري عن الانقطاع إلى الله في مواقع العبادة الروحية في معانيها على مستوى الشكل والمضمون ،أي انقطع إليه انقطاعاً كاملاً بالكلمة والإشارة والحركة والروح والفكر والوجدان .
وإذا كان ذكر اسم الله بالقلب واللّسان هو الخط في الحركة ،والانقطاع الكامل إليه هو العمق في الروح والشعور ،فلا بدّ من أن يسبق ذلك التصور الشامل للقدرة المطلقة ،والهيمنة الكلية ،والوحدة الإلهية ،ليكون الذكر والانقطاع ناشئين من قاعدة الوعي الإيماني المنفتح على حقائق الكون والحياة .