{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} في إيحاءٍ قويّ بأن الله هو الأكبر ،ليتصاغر كل أولئك الذين جعلهم الناس في موقع الآلهة على مستوى العقيدة أو العبادة ،ليشعروا بأنهم في الموقع الصغير جداً ،أمام الله الأكبر الذي هو أكبر من أن يوصف ،لأن الخلق لا يستطيعون بلوغ كنه صفاته أو كنه ذاته ،كما أنه أكبر من أن يشبّه به أحدٌ من خلقه ،أو يبلغ مواقع عظمته .
قال في الكشاف في قوله:{فَكَبِّرْ} «إن الفاء دخلت لمعنى الشرط ،كأنه قيل: وما كان فلا تدع تكبيره »[ 4] .
وهذا ما يريد الله أن يوحي به إلى الرسول في صفته الحركية كداعية ،وإلى كل داعية من بعده ،بأن يطلق كلمة التكبير في وجدانه وفي لسانه ،ليؤكد عمق التوحيد في موقفه من خلال التطلّع إلى الله الأكبر الذي لا يدانيه شيءٌ ،وليستوحي منها القوّة الروحية التي تستمد معناها من مضمون المعنى الذي تتحرك فيه الكلمة ،فإذا كان الداعية متحركاً من خلال الأكبر فما قيمة كل الأصاغر الذين يعارضونه أو يحاربونه ،وإذا كان الله هو الأكبر ،فما قيمة كل الذين يؤكدون مواقعهم في موقع الألوهية أمامه ،الأمر الذي يمنح الداعية قوّةً وامتداداً في طريق الدعوة إلى الله ،فلا يسقط أمام الضغوط ،ولا يتراجع أمام التحديات .