القرآن كتاب هداية والتزام
كان ذلك حديث الناس الذين انفعلوا بالرسالة والرسول إيجاباً وسلباً ،وكيف كان مصيرهم في النتائج الحاسمة في موقفهم بين يدي الله ،وهذا هو الفصل الأخير من السورة الذي يتوجه به إلى الرسول في موقفه إزاء هؤلاء الذين واجهوا بالشدّة والتحدي والتمرّد على الرسالة والرسول ،لتكون نهاية المطاف مع المصير الذي ينتظر الناس يوم القيامة ،ويبقى للإنسان أن يتذكر مصيره دائماً ،ليخرج من غفلته .
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً} لتنذر به الناس ،ولتوجّههم إلى السير في الصراط المستقيم الذي ينتهي بهم إلى الله ،فيسيروا وفق ما يشرّع لهم من النظام المتوازن الذي يجمع لهم الخير كله من خلال الحق كله .وفي ضوء ذلك ،لا بد لك من أن تبلّغه للناس كافّة ،ليعيشوا في رحاب فكره ،ويتحركوا في خط هداه ،ويغترفوا من ينابيع الخير فيه ،ويثيروا حركية منهجه في قضايا الإيمان ،ويؤكدوا التزامهم بآياته ،وتطبيقهم لأحكامه ،ليغيّروا الحياة على أساس عقائده ومفاهيمه وشرائعه ...ولا بد لك من أن تتحمل الكثير من المعاناة في سبيل ذلك ،لأنهم سوف يبادرون إلى توجيه مختلف الاتهامات التي يريدون من خلالها إحباط موقفك ،وإسقاط حركتك ،وربما عمدوا إلى إثارة مختلف ألوان الإِغراء التي يخاطبون بها مشاعرك وتطلعاتك ،إذ يخيّل إليهم أنك سوف تخضع لذلك وللضغوط النفسية التي يضغطون بها على روحيتك وإحساسك كما يخضع الآخرون من الناس لأمثال ذلك ،الأمر الذي يفرض عليك أن تستنفر كل طاقاتك ،لتكون في مواقع القوّة التي تثبت أمام الهزاهز ،ولا تنحني أمام العواصف ،ولا تخضع للضغوط ،ولا تسقط أمام التحديات ،ولا تصرخ في مواقع الألم ،ولا تجزع في أوضاع البلاء ،وهذا ما يمثل معنى الصبر على الأذى وعلى الطاعة ،وعلى المعصية ،فإن الصبر هو أساس الإيمان كله .