تنزيل القرآن ،وذكر الله ،والصلاة له .
{إنّا نحن نزّلنا عليك القرآن تنزيلا 23 فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا 24 واذكر اسم بكرة وأصيلا 25 ومن الليل فاسجد له وسبّحه ليلا طويلا 26 إن هؤلاء يحبّون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا 27 نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدّلنا أمثالهم تبديلا 28 إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا 29 وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما 30 يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعدّ لهم عذابا أليما 31}
/م23
التفسير:
5- إنّا نحن نزّلنا عليك القرآن تنزيلا .
إنا نحن الإله الحق الذي بيده الخلق والأمر ،قد: نزّلنا عليك القرآن تنزيلا .فهذا القرآن من عندنا ومن أمرنا: نزل به الروح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين .( الشعراء: 193 ،194 ) .
وهذا القرآن ليس سحرا ولا شعرا ولا كهانة ،ولا أساطير الأولين كما يدعي الكافرون ،وقد أنزلناه منجما مقسطا في ثلاثة وعشرين عاما ،ولم ننزله دفعة واحدة ،بل أنزلناه مفرقا ليجيب على أسئلة السائلين ،ويثبّت المؤمنين ،ويشرح أحكام الدين ،ويقدّم الأدلة على الوحدانية ،وصدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأخبار الأمم السابقة ،ومشاهد القيامة والبعث والحشر والجزاء والعقاب .
فالقرآن كتاب ربنا ،أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم مفرقا لتثبيت فؤاده ،وللرد على أسئلة المشركين وليحمل الدليل على إعجاز القرآن ،فقد تحدّاهم أن يأتوا بمثله ،ثم تحدّاهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ،ثم تحدّاهم أن يأتوا بسورة واحدة ،وقد عجزوا في كل هذه المراحل مع طول مدة التحدّي ،ومع الحروب المتتابعة التي حصدت رجالهم ،ويتّمت أطفالهم ،ورمّلت نساءهم ،واستمرار التحدّي ،واستمرار الحاجة إلى الرد على القرآن والرسول ،مع وجود الشعراء والبلغاء والفصحاء ،والخطباء والأدباء ،وأسواق الأدب التي يتبارون فيها بالقصيدة المتميزة والشعر الجيد ،والخطبة الفصيحة ،والقول المتميز ،ثم لم يجرؤ واحد منهم أن يقدم مثل القرآن ،ولا مثل عشر سور منه ،ولا مثل سورة واحدة ،ولزمهم العجز إلى يوم الدين .
كما قال تعالى: قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .( الإسراء: 88 ) .