{خَفَّفَ}: رفع المشقّة .
{ضَعْفاً}: الضعف بكسر الضاد من المضاعفة ،أي زيادة الشيء مثله في المقدار ،وبفتحها وضمها ضد القوة المادية والمعنوية وقيل: الضم يختصّ بضعف العقل .
مناسبة النزول
في تفسير الميزان نقلاً عن تفسير القمّي قال: «قال: كان الحكم في أوّل النبوّة في أصحاب رسول الله( ص ) أن الرجل الواحد وجب عليه أن يقاتل عشرة من الكفار ،فإن هرب منهم ،فهو الفار من الزحف ،والمائة يقاتلون ألفاً .
ثم علم الله أن فيهم ضعفاً لا يقدرون على ذلك فأنزل الله:{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُمْ مِّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ} ففرض عليهم أن يقاتل أقل رجل من المؤمنين رجلين من الكفار .فإن فرّ منهما فهو الفارّ من الزحف .وإن كانوا ثلاثة من الكفّار وواحداً من المسلمين ،ففرّ المسلم منهم ،فليس هو الفارّ من الزحف »
التدرج في رفع المستوى الروحي لدى المؤمنين
{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً} من خلال التجربة الأولى التي تمارسونها في أول معركة مع قريش ،ومن خلال الوسائل المحدودة التي تملكونها في حساب القوّة المادية ،بالإضافة إلى نقاط الضعف الذاتية المتحكّمة في واقعكم الداخلي ،وغير ذلك مما يفرض التدرُّج في رفع المستوى الروحي لدى المؤمنين ،لأن حيويَّة الصبر لا تنمو ولا تتعاظم إلا في نطاق الظروف الموضوعية الذاتية المنسجمة مع الواقع الداخلي من الوعي والفكر والإرادة ،الذي يتطور بطريقةٍ تدريجيّة .ولهذا أراد اللهفي البدايةأن يطرح الفكرة في نداء الدعوة النبوية على أساس المستوى الأعلى في عملية إيحائيةٍ في ما ينتظره منهم من قوة الموقف مما يمكن أن يصلوا إليهولو بعد حينثم أعطاهم الفرصة في تخفيف المستوى المطلوب ،لتكون بدايةً طبيعيةً للنمو في حركة تصعيد القوة في الداخل وفي خط المواجهة ،بحيث يكون المؤمن الواحد في مواجهة اثنين من الكافرين ،من خلال عامل الصبر الذي يشتد ،فيشدّ عزيمة الإنسان في الاندفاع في حركة المعركة .{فَإِن يَكُن مِّنكُمْ مِّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ} وإرادته وعنايته .{وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} الثابتين على مواقعهم بالثبات في مواقفهم ،وبالإصرار على قضيتهم حتى بلوغ الأهداف الكبيرة .