{إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} والتزموا الخط الرسالي فكراً وسلوكاً ومنهج حياة ،فعاشوا الإيمان في وجدانهم ،وحركوا مفاهيمه في أخلاقهم ،وانطلقوا في مسيرته في خطواتهم ،فاستحقوا بذلك رضى الله ،وعاشوا في آفاق رحمته ،{لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنونٍ} أي غير مقطوعٍ ،بل هو ممتدٌ متواصلوقيل: إن المراد به المن وهو القول الذي يمن به صاحب النعمة على أخذها بما يثقل عليه ،فالمقصود أن هذا الأجر لا يستتبع أيّ كلام يثقل على المؤمنين الصالحين ،بل لا يسمعون إلا كلاماً طيّباً يرتاحون إليه .
والظاهر أن المعنى الأول أقرب إلى الاعتبار ،لأن المنّ لا يكون ثقيلاً إلا إذا جاء من الناس الذين يتأذى بعضهم بكلام المنّ من البعض الآخر ،لأنه يوجب نوعاً من المهانة والذل ،أمَّا إذا كان المنّ من الله ،سبحانه ،فإنه لا يثير أيّ شيءٍ في النفس ،لأن الله هو صاحب المنّة والمنّ ،وإذا جرى المنّ في كلام الله ،فإنما يراد به تذكير عباده بنعمه ليشكروه وليعرفوا فضله عليهم ليعبدوه في مواقع عبادته .ولا بدّ من الانتباه إلى أن هذا الاستثناء منقطع ،لأن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لم يدخلوا في ما تقدّم من الحديث ،ما يجعل «إلا » بمعنى «لكن » ،كما يقولون .