المعرضون عن الذكرى
{إِلاَّ مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ} ربما كان هذا استثناءً من الناس الذين يخضعون للتذكير ،وهم الذين يقبلون على سماع الآيات والتفكير بها ،والانفتاح على مضمونها الفكري أو الروحي في مواعظها ونصائحها وتشريعاتها وإنذاراتها وتبشيراتها ،ممن يمكن أن تتحول الذكرى لديهم إلى واقعٍ عملي في وجدانهم الفكري وفي حياتهم العملية ،ولكن المعرضين عن الذكرى ،المصرّين على الكفر ،المعاندين لله ورسوله من موقع الاستكبار ،لا ينتفعون بالذكرى ،لأنهم أغلقوا أسماعهم وقلوبهم عنها ،فقد لا يحتاج النبي والدعاة من بعده إلى الاستمرار في تذكيرهم ،لأنهم لا يريدون الاستفادة من ذلك ،ولن يترك الله الإنسان الذي يعرض عن الذكرى ويكفر بالله .
وقيل: الاستثناء من ضمير «عليهم » في قوله:{لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ} ،والمعنى: لست عليهم بمتسلط إلا على من تولّى منهم عن التذكر وأقام على الكفر ،فسيسلِّطك الله عليه ويأمرك بالجهاد فتقاتله وتقتله .
ونلاحظ على ذلك أن سياق آية{لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ} ليس وارداً في هذا المعنى ،كما تقدّم .
وقيل: الاستثناء منقطع ،والمعنى: لست عليهم بمسيطر ،لكن من تولى وكفر منهم يعذبه الله العذاب الأكبر ،وهو محتمل .