الإسلام ينطلق من عمق المعرفة
{اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ} إنه التأكيد الذي يكرر الكلمة ليؤكد الفكرة ،للإيحاء بأن هذا الدين الجديد ينطلق من عمق المعرفة المتمثلة بالقراءة كوسيلةٍ من وسائل الانفتاح عليها ،كما يوحي بأن الرسالة ستنطلق في كتابٍ تتكامل آياته في كل فكر الرسالة وشريعتها ومنهجها الموحى به من الله .وإذا كان المطلوب من النبي أن يقرأ من خلال إلهام الله له ،ومن سماع الوحي من جبريل ،فإنّ المطلوب من المؤمنين ،ومن الناس جميعاً ،أن يقرأوا القرآن بعد أن يكتمل نزوله ،لينطلقوا منه إلى كلِّ مواقع الحقيقة الإلهية في العقيدة والتشريع .ثم كانت الجملة الاعتراضية التي تعمل على وضع الكلمة الخطاب في نطاق الرحمة الإلهية التي تفيض بكل كرم الرب الأكرم الذي انطلق كرمه على عباده ،وهو الأكرم الذي لا يبلغ أحد كرمه ،ولا أيّة صفةٍ من صفاته ،لأنه{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [ الشورى:11] .ومن مظاهر كرمه ارتفاعه بالإنسان إلى المستوى الرفيع في المعرفة الذي ينفتح به على كل حقائق الحياة .