المفردات:
الأكرم: له كمال الكرم .
علم بالقلم: جعل الكتابة وسيلة العلم .
علم الإنسان ما لم يعلم: أوجد فيه قوة إدراك المعلومات وطاقات تحصيلها ،ويسر له الدرس .
التفسير:
3 ،4 ،5- اقرأ وربك الأكرم* الذي علّم بالقلم* علّم الإنسان ما لم يعلم .
اقرأ الوحي ،وربك الأكرم .كثير الكرم والفضل ،حين أفاء عليك بالنبوة ،وأنزل عليك الوحي ،وأعطاك الشريعة السّمحة التي ختم الله بها الشرائع ويسرها للناس ،ونيسّرك لليسرى .( الأعلى: 8 ) .
الذي علّم بالقلم .
وبواسطة القلم كتبت الشرائع والعلوم والفنون ،والآثار والأخبار ،والتوراة والإنجيل ،والزبور والفرقان ،والحكمة والسّنّة ،لذلك أقسم الله بالقلم والدواة .
قال تعالى: ن والقلم وما يسطرون .( القلم: 1 ) .
وأنزل القرآن ليتلى ويقرأ ،ثم يكتب ويسطّر ،واختار النبي أميّا ليكون معجزة بارزة ،فهذا الأميّ لم يقرأ كتابا ،ولم يخط بيمينه كتابا ،ومع هذا يقرأ هذا الوحي المبين الحكيم المعجز ،ويتحدّى به الناس أجمعين ،مما يدل على أنه ليس من صنع بشر ،بل تنزيل من رب العالمين .
علّم الإنسان ما لم يعلم .
أفاض الله الوحي والتشريع ،والهدى والقصص ،وأخبار الأولين والآخرين ،ومشاهد القيامة ،وأدب الدنيا والدين في هذا الوحي ،ليعلم به الإنسان كل ما لم يعلمه ،فسبحان المعلم الذي اختار رسولا وأنزل عليه وحيا ،ليعلّم الإنسان ما لم يعلمه إلا بطريق الوحي .
قال تعالى: إني أعلم ما لا تعلمون .( البقرة: 30 ) .
وفي الأثر: ( من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يكن يعلم ) .
يقول أحمد شوقي:
سبحانك اللهم خير معلم ***علّمت بالقلم القرون الأولى
أرسلت بالتوراة موسى مرسلا *** وابن البتول فعلّم الإنجيلا
وفجرت ينبوع البيان محمدا *** فسقى الحديث وعلم التأويلا
الجهل لا تحيا عليه جماعة ***كيف الحياة على يدي عزريلا
ناشدتكم تلك الدماء زكية *** لا تبعثوا للبرلمان جهولا
فترى الذين بنى المسلّة جدّهم ***لا يحسنون لإبرة تشكيلا
جاء في تفسير القرطبي ما يأتي:
نبّه تعالى على فضل علم الكتابة ،لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يحيط بها الإنسان ،وما دوّنت العلوم ولا قيدت الحكم ،ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة ،ولولاها ما استقامت أمور الدنيا والدين .اه .
وقال ابن كثير في تفسير هذه الآيات:
أول شيء نزل من القرآن هذه الآيات المباركات ،وهن أول رحمة رحم الله بها العباد ،وأول نعمة أنعم الله بها عليهم ،وفيها التنبيه على ابتداء خلق الإنسان من علقة ،وأن من كرمه تعالى أن علّم الإنسان ما لم يعلم ،فشرّفه الله وكرّمه بالعلم ،وهو القدر الذي امتاز به أدم على الملائكة .اه .