كيف تحدِّث الأرض
{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} ولكن كيف هو الحديث ؟هل هو صوتٌ ناطقٌ ،أم هو استعارةٌ للحديث المتمثل بحركة الصورة في الحسّ التي توحي بالصورة في الذهن ،من خلال الدلالات أو الإيحاءات ؟ربما يثير البعض بأن هناك حياةً وشعوراً يسريان في الأشياء وإن كنّا في غفلةٍ من ذلك .
وهذا هو مدلول قوله تعالى:{وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [ الإسراء:44] ،وقوله تعالى:{قَالُواْ أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْء} [ فصّلت:21] ،إن الظاهر منها هو التسبيح الحقيقيّ ،والنطق بالصوت المسموع ،ولكننا ذكرنا في محله ،أن الظاهر من التسبيح والنطق أنهما يصدران عن حياةٍ ووعي وحركةٍ في الفكر ،وإرادةٍ في الذات ،وهذا مما لا يتوفر إلا للأحياء العاقلين ،ما يجعل ذلك قرينةً عقليةً على إرادة المعنى الكنائي الذي يشير إلى المعنى الواقعي من خلال صورة المعنى .
وهكذا يمكن أن يكون المعنى أن أخبار الأرض تتحدث عن هذا الحدث الكوني الهائل العظيم ،بأنه لا يصدر عن أسباب طبيعية كالتي اعتادها الإنسان في الظواهر الكونية العادية ،بل يصدر عن إرادة الله بشكلٍ مباشرٍ .