وأهم من ذلك أنّ الأرض:
{يومئذ تحدث أخبارها} .
تحدّث بالصالح والطالح ،وبأعمال الخير والشر ،ممّا وقع على ظهرها .وهذه الأرض واحد من أهم الشهود على أعمال الإنسان في ذلك اليوم .وهي إذن رقيبة على ما نفعله عليها .
وفي حديث عن رسول اللّه( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال: «أتدرون ما أخبارها » ؟قالوا: اللّه ورسوله أعلم .قال: «أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عملوا على ظهرها .تقول عمل كذا وكذا ،يوم كذا ،فهذا أخبارها »{[6115]} .
وفي حديث آخر عن النّبيّ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال: «حافظوا على الوضوء وخير أعمالكم الصلاة ،فتحفظوا من الأرض فإنّها أمكم ،وليس فيها أحد يعمل خيراً أو شرّاً إلاّ وهي مخبرة به »{[6116]} .
وعن أبي سعيد الخدري قال: متى كنت في بيداء فارفع صوتك بالأذان لأنّي سمعت رسول اللّه( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول: «لا يسمعه جن ولا إنس ولا حجر إلاّ يشهد له »{[6117]} .
وهل إن تحديث الأرض يعني أنّها تتكلم في ذلك اليوم بأمر اللّه ،أم إن المقصود ظهور آثار أعمال الإنسان على ظهر الأرض ؟
واضح أنّ كل عمل يقوم به الإنسان يترك آثاره حتماً على ما حوله ،وإن خفيت علينا هذه الآثار اليوم ،تماماً مثل آثار أصابع اليد التي تبقى على مقبض الباب ،وفي ذلك اليوم تظهر كل هذه الآثار ،وحديث الأرض ليس سوى هذا الظهور الكبير ؛تماماً كما نقول لشخص نعسان: عينك تقول إنّك كنت سهراناً أمس .أي إنّ آثار السهر عليها واضحة .
وليس هذا الموضوع بغريب اليوم بعد الاكتشافات العلمية والاختراعات القادرة في كلّ مكان وفي لحظة أن تسجل صوت الإنسان وتصور أعماله وحركاته في أشرطة يمكن طرحها في المحكمة كوثائق إدانة لا تقبل الإنكار .
لو كانت شهادة الأرض فيما مضى عجيبة ،فليست اليوم بعجيبة ونحن نرى شريطاً رقيقاً يمكن أن يكون بحجم أزرار اللباس قادراً على أن يحتفظ بكثير من الأعمال والأقوال .
وفي حديث عن علي( عليه السلام ) قال: «صلوا المساجد في بقاع مختلفة ،فإنّ كلّ بقعة تشهد للمصلّي عليها يوم القيامة »{[6118]} .
وعنه( عليه السلام ) أيضاً حينما كان يفرغ من تقسيم بيت المال يصلي ركعتين ويقول: «اشهدي أنّي ملأتك بحق وفرغتك بحق »{[6119]} .
/خ8