)إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( البقرة:277 )
التفسير:
قوله تعالى:{إن الذين آمنوا} أي آمنوا بقلوبهم بما يجب الإيمان به ؛{وعملوا الصالحات} أي عملوا الأعمال الصالحات ؛وهي المبنية على الإخلاص لله ،والمتابعة لرسول الله ( ص ) ؛{وأقاموا الصلاة} أي أتوا بها قويمة بشروطها ،وأركانها ،وواجباتها ،ومكملاتها ؛وعطْفها على العمل الصالح من باب عطف الخاص على العام ؛لأن إقامة الصلاة من الأعمال الصالحة ،ونُص عليها لأهميتها ؛{وآتوا الزكاة} أي أعطوا الزكاة مستحقها ؛وعلى هذا فتكون{الزكاة} مفعولاً أولاً ب{آتوا}؛والمفعول الثاني محذوف - أي آتوا الزكاة مستحقها ؛و «الزكاة » هي النصيب الذي أوجبه الله عز وجل في الأموال الزكوية ؛وهو معروف في كتب الفقه .
قوله تعالى:{لهم أجرهم عند ربهم} أي لهم ثوابهم عند الله ؛والجملة هذه خبر{إن} في قوله تعالى:{إن الذين آمنوا ...} .
قوله تعالى:{ولا خوف عليهم} أي فيما يستقبل من أمرهم ؛{ولا هم يحزنون} أي فيما مضى من أمرهم .
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: الحث على الإيمان ،والعمل الصالح ؛لأن ذكر الثواب يستلزم التشجيع ،والحث ،والإغراء .
2 - ومنها: أنه لابد مع الإيمان من العمل الصالح ؛فمجرد الإيمان لا ينفع العبد حتى يقوم بواجبه - أي واجب الإيمان: وهو العمل الصالح .
3 - ومنها: أن العمل لا يفيد حتى يكون صالحاً ؛والصلاح أن ينبني العمل على أمرين: الإخلاص لله عز وجل - وضده الشرك ؛والمتابعة - وضدها البدعة ؛فمن أخلص لله في شيء ،ولكنه أتى بعمل مبتدع لم يقبل منه ؛ومن أتى بعمل مشروع لكن خلطه بالشرك لم يقبل منه ؛وأدلة هذا معروفة .
4 - ومنها: بيان أهمية إقامة الصلاة ،وإيتاء الزكاة .
5 - ومنها: أن هذين الركنين - أعني إقامة الصلاة ،وإيتاء الزكاة - أعلى أركان الإسلام بعد الشهادتين ؛للنص عليهما من بين سائر الأعمال الصالحة .
6 - ومنها: أن الله سبحانه وتعالى ضمن الأجر لمن آمن ،وعمل صالحاً ،وأقام الصلاة ،وآتى الزكاة ؛لقوله تعالى:{لهم أجرهم عند ربهم} .
7 - ومنها: الإشارة إلى عظمة هذا الثواب ؛لأنه أضافه إلى نفسه - تبارك وتعالى - والمضاف إلى العظيم يكون عظيماً .
8 - ومنها: أن هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات الأربع - الإيمان ،والعمل الصالح ،وإقام الصلاة ،وإيتاء الزكاة - ليس عليهم خوف من مستقبل أمرهم ؛ولا حزن فيما مضى من أمرهم ؛لأنهم فعلوا ما به الأمن التام ،كما قال الله تعالى:{الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} [ الأنعام: 82] .