قوله تعالى:{قالوا ادع لنا ربك}: سبق الكلام على نظيرها ؛{يبين لنا ما هي}: هذا الطلب ليس له وجه ؛لأن اللفظ بين: فالبقرة معلومة ،والمطلق ليس مجملاً يحتاج إلى بيان .لوضوح معناه ؛فإذا قيل مثلاً:"أكرم رجلاً "؛فلا يحتاج أن تقول:"ما صفة هذا الرجل "؛إذا أكرمت أيّ رجل حصل المقصود ؛فلو أنهم ذهبوا ،وذبحوا أيّ بقرة ،وامتثلوا ما أمرو به لانتهى الأمر ؛ولكنهم تعنتوا ..
قوله تعالى:{قال} أي موسى{إنه يقول} أي الله عزّ وجلّ{إنها بقرة لا فارض ولا بكر}:"البكر "معروف: التي لم تلد ،ولا قرعها الفحل ،و"الفارض "تُعرف بمقابلها ،فإذا كانت"البكر "هي التي لم يقرعها الفحل ،فإن"الفارض "هي المسنة الكبيرة ؛وهذا .أي تفسير الكلمة ،أو معرفة معنى الكلمة بمعرفة ما يقابلها .له نظير في القرآن ،مثل قوله تعالى:{فانفروا ثبات أو انفروا جميعاً} [ النساء: 71]؛فكلمة:{ثبات} هنا يتبين معناها بما ذكر مقابلاً لها .وهو قوله تعالى:{أو انفروا جميعاً}؛فيكون معناها: متفرقين أفراداً ..
قوله تعالى:{عوان بين ذلك} أي وسط بين ذلك .أي بين كونها فارضاً وبكراً ؛وفيه إشكال على هذا: لأنه إذا كان المشار إليه اثنين وجب تثنية اسم الإشارة ؛واسم الإشارة هنا مفرد مذكر ؟والجواب عنه أن يقال:{بين ذلك} أي بين ذلك المذكور من الفارض والبكر .أي لا تكون هكذا ،ولا هكذا ،ولكن عوان بين ذلك المذكور ..
قوله:{فافعلوا ما تؤمرون}؛هذا الأمر من موسى ؛وليس من كلام الله عزّ وجلّ ؛فموسى يقول لبني إسرائيل: افعلوا ما تؤمرون به من ذبح بقرة لا فارض ،ولا بكر ،ولا تتعنتوا فيشدد عليكم مرة ثانية ؛ولو أنهم امتثلوا ،وذبحوا بقرة عواناً بين ذلك لحصل المقصود ؛وكان عليهم أن يفعلوا .وإن لم يأمرهم نبيهم به ؛ولكنهم أهل عناد ،وتعنت ؛ولهذا أمرهم أمراً ثانياً ؛ومع ذلك قالوا:{ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها} .
/خ73