{وإذا الموؤدة سُئلت بأي ذنب قُتلت} الموؤدة هي الأنثى تدفن حية ،وذلك أنه في الجاهلية لجهلهم وسوء ظنهم بالله ،وعدم تحملهم يعيّر بعضهم بعضاً إذا أتته الأنثى ،فإذا بُشِّر أحدهم بالأثنى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم ،ممتلىء هًّما وغمًّا{يتوارى من القوم} يعني يختفي منهم{من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب} [ النحل 59] .يعني إذا قيل لأحدهم نبشرك أن الله جاء لك بأنثىببنتاغتم واهتم ،وامتلأ من الغم والهم ،وصار يفكر هل يبقي هذه الأنثى على هون وذل ؟أو يدسها في التراب ويستريح منها ؟فكان بعضهم هكذا ،وبعضهم هكذا .فمنهم من يدفن البنت وهي حية ،إما قبل أن تميز أو بعد أن تميز ،حتى إن بعضهم كان يحفر الحفرة لبنته فإذا أصاب لحيته شيء من التراب نفضته عن لحيته وهو يحفر لها ليدفنها ولا يكون في قلبه لها رحمة ،وهذا يدلك على أن الجاهلية أمرها سفال ،فإن الوحوش تحنو على أولادها وهي وحوش ،وهؤلاء لا يحنون على أولادهم ،يقول عز وجل:{وإذا المؤودة سئلت} تسأل يوم القيامة{بأي ذنب قتلت} هل أذنبت ؟فإذا قال قائل: كيف تُسأل وهي المظلومة ...هي المدفونة ،ثم هي قد تدفن وهي لا تميز ،ولم يجر عليها قلم التكليف ،فكيف تسأل ؟قيل: إنها تُسأل توبيخاً للذي وأدها ،لأنها تُسأل أمامه فيقال: بأي ذنب قُتِلْتِ أو قُتِلَتْ ؟نظير ذلك لو أن شخصاً اعتدى على آخر في الدنيا فأتوا إلى السلطان إلى الأمير فقال للمظلوم: بأي ذنب ضربك هذا الرجل ؟وهو يعرف أنه معتداً عليه ليس له ذنب .لكن من أجل التوبيخ للظالم ،فالموؤدة تُسأل بأي ذنب قتلت توبيخاً لظالمها وقاتلها ودافنها نسأل الله العافية .