{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ ( 80 ) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ( 81 ) وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ( 82 ) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ( 83 ) فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ( 84 )} [ 80 – 84] .
والآيات آخر حلقات السلسلة ومعانيها واضحة ،وقد احتوت خبر تكذيب أصحاب الحجر لرسلهم وإعراضهم عن آيات الله وحلول عذاب الله فيهم نتيجة لذلك ،دون أن يغني عنهم ما كسبوا وما نحتوا من البيوت في الجبال .وقد استهدفت – على ما هو المتبادر – تذكير كفار العرب وإنذارهم كما استهدفته الحلقات السابقة .
وأصحاب الحجر هم على الأرجح قبائل ثمود قوم صالح الذين ذكرت قصتهم مع نبيهم في سورة هود والشعراء والنمل والأعراف وغيرها ؛لأن نحت البيوت في الجبال قد كان مما وصف به ثمود قوم صالح في سور هود والشعراء والأعراف .وبلادهم تعرف اليوم بمدائن صالح .وهي الأخرى واقعة في طريق القوافل العربية من الحجاز إلى بلاد الشام حيث تكون القصة بالأسلوب الذي جاءت به قد استهدفت تذكير كفار العرب بالدمار الرباني الذي حل بهذه البلاد والذي يشاهدونه في ذهابهم وإيابهم نتيجة لتكذيبهم لرسل الله وإعراضهم عن آياته .
هذا ،ويلحظ أن حلقة القصص استهدفت في هذه السورة التذكير بالأمم التي كانت تقطن المناطق الواقعة في طريق القوافل الحجازية ،والآيات تلهم أن العرب كانوا يعرفون ويعترفون بأن ما حل في هذه البلاد من التدمير الذي كانوا يشاهدون آثاره كان عذابا ربانيا ومن هنا جاء الإنذار محكما والحجة قوية .وآيات سورة الصافات [ 132 – 138] ذكرت صراحة:{وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 33 )إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ ( 34 )إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ ( 35 )ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ ( 36 ) )َإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ ( 37 )وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ( 38 )} وفي سورة العنكبوت مثل هذه الصراحة بالنسبة لعاد وثمود:{وَعَادا وثَمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل} [ 38] .