ومثلها قصة أصحاب الحجر ، وهم ثمود قوم صالح ، وقال سبحانه وتعالى فيهم:{ ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ( 80 ) وآتيناهم آيتنا فكانوا عنها معرضين ( 81 )} .
جاء في تفسير القرطبي:"الحجر ، ويطلق على معان منها حجر الكعبة ، ومنها الحرام كما في قوله ، وأنعام وحرث حجر قال تعالى:{. . .حجرا محجورا ( 22 )} [ الفرقان] ، والعقل كما في قوله تعالى:{. . .لذي حجر ( 5 )} [ الفجر] ، والحجر ديار ثمود وهي المراد منها وهي مدينة بين مكة وتبوك ، وهو الوادي الذي كانت تسكنه ثمود ، وقد مر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ذاهب إلى غزوة تبوك ، ونبه جيشه إليه ، وإلى ما فيه من عبر ، وقد جاء ذلك في كتب السير ، وصحاح السنة ، وروى عن ابن عمر قال:مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذر أن يصيبكم مثل ما أصابهم".
والله تعالى يقول:{ ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ( 80 )} مع أنهم كذبوا رسولا واحدا ، وهو صالح عليه السلام ، والجواب عن ذلك أنه ذكر أن صالحا عليه السلام بعث لهم ، وكذبوه ، ولكن لا يمنع ذلك أنه بعث فيهم غيره وكذبوا ، على أنهم إذا كانوا كذبوهم جميعا فيما يدعوهم إليه من التوحيد ، ومكارم الأخلاق فقد كذبوا الرسل جميعا لأن هذه دعوتهم أجمعين ، فمن كذب واحدا في هذا فقد كذبهم جميعا .