/م78
أمّا «أصحاب الحجر » فهم قومٌ عُصاة عاشوا مرفهين في بلدة تدعى «الحجر » وقد بعث اللّه إِليهم نبيّه صالح( عليه السلام ) لهدايتهم .
ويقول القرآن عنهم: ( ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ) !
ولكنْ أين تقع هذه البلدة ؟
يذكر بعض المفسّرين والمؤرخين: أنّها كانت على طريق القوافل بين المدينة والشام في منزل يسمى ( وادي القرى ) في جنوب ( تيماء ) ولا أثر لها اليومتقريباً .
ويذكرون أنّها كانت إِحدى المدن التجارية في الجزيرة العربية ،ولها من الأهمية بحيث ذكرها ( بطليموس ) في مذكراته لكونها إِحدى المدن التجارية .
وكذلك ذكرها العالم الجغرافي ( بلين ) باسم ( حجرى ) .
ونستشف من بعض الرّوايات أنّ الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) عندما قاد جيشاً لدفع جيش الروم في السنة التاسعة للهجرة ،أراد الجنود أن يتوقفوا في هذا المكان ،فمنعهم النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال: هنا نزل عذاب اللّه على قوم ثمود{[2044]} .
ومن الجدير ذكره أنّ القرآن الكريم ذكر مسألة تكذيب الأنبياء في خبر أصحاب الحجر ( وكذلك قوم نوح وقوم شعيب وقوم لوط في الآيات ( 105 و 123 و 160 ) من سورة الشعراء ) بالإِضافة إلى أقوام أُخر كذبت الأنبياء( عليهم السلام ) ،والواضح من خلال ظاهر القصص أن لكل قوم كان نبيٌّ واحد لا أكثر .
ولعل مجيء هذا التعبير في هذه الآية ( المرسلين ) ،باعتبار أنّ الأنبياء لهم برنامج واحد وهدف واحد ،وبينهم من درجة من الصلة بحيث أن تكذيب أيّ منهم هو تكذيب للجميع .
واحتمل آخرون وجود أكثر من نبي وسط الأُمّة الواحدة ،وذكر اسم أحدهم لأنّه أكثر شهرة .
وكما يبدو فإِنّ التّفسير الأوّل أقرب إلى الصواب منه إلى الثّاني .