{ولو ترى إذا المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ( 12 ) ولو شئنا لأتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ( 13 ) فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون ( 14 )} [ 12-14] .
في الآيتين الأولى والثالثة تنبيه على ما سوف يكون من أمر الكفار يوم القيامة حينما يرجعون إلى الله ويقفون بين يديه ،
فلسوف يأخذ المرء العجب حينما يرى المجرمين الذين كفروا بالله ولقائه مطأطئي الرؤوس خجلا مستشعرين بالندم والحسرة يعلنون يقينهم بالله وصدق وعده وبأنهم قد سمعوا وأبصروا واتعظوا ويطلبون من الله إرجاعهم إلى الدنيا ليعملوا صالحا ويتلافوا ما فرط منهم ،غير أن ندمهم هذا لن يجدهم نفعا .
وسيقال لهم إنكم أعطيتم الفرصة فأضعتموها وتجاهلتم وغفلتم عن هذا اليوم فوقعتم في سوء العاقبة .فذوقوا عذاب الخلد الدائم بما نسيتم وتجاهلتم ،وبما كنتم تقترفون من الآثام وتنحرفون عن طريق الحق والهدى فقد استحققتم أن ينساكم الله كما نسيتموه ،وأن تصيروا إلى المصير الوبيل الذي صرتم إليه .
أما الآية الثانية فالمتبادر أنها بمثابة استدراك أو تعليق على قول الكفار المفروض المحكي في الآية الأولى ،فالله قادر على جعل كل الناس يسيرون في طريق الهدى والحق دون أن يشذ منهم شاذ .ولكن حكمته اقتضت وقضاؤه سبق أن يكون لجهنم ملؤها من الجن والإنس معا .
والاتصال قائم كذلك بين هذه الآيات وسابقاتها اتصال تعقيب وإنذار .