/ت23
تعليق على الآية
{وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما
صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}
وضمير{لما صبروا} يحتمل أن يكون راجعا إلى بني إسرائيل كما يحتمل أن يكون إلى الأئمة ،ورجوعه إلى الأئمة أوجه ؛لأنهم الأقرب إلى الجملة أولا ،ولأن الوصف لا يمكن أن يكون شاملا لجميع بني إسرائيل لا في زمن موسى ولا بعده ؛لأن أسفار العهد القديم من لدن موسى{[1643]} قد سجلت انحرافات كثيرة دينية وخلقية لفئات كثيرة من بني إسرائيل كانت أحيانا غالبيتهم الكبرى .وهو ما رددته آيات قرآنية عديدة مكية ومدنية .وقد مر منها أمثلة عديدة مثل آية الأنعام [ 146] وآيات الأعراف [ 148-153 و 160- 170] وكان ترديده في القرآن أقوى وأشد وأوسع ؛لأنه ربط بين مواقفهم من الرسالة المحمدية والقرآن وبين مواقف آبائهم وانحرافاتهم الدينية والخلقية في زمن موسى وبعده كما جاءت في آيات سورة البقرة{40-149و 246-253] وسورة آل عمران [ 51-120] والنساء [ 44-52و 149-161] والمائدة [ 12-13 و 31-33و 41-45و 50-71] .
وجملة{لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون} صريحة الدلالة على سبب جعل الله تعالى منهم أئمة يهدون بأمره .والآيات التي ذكرنا أرقامها آنفا من مكية ومدنية ونصوص الأسفار الكثيرة جدا .ثم عدم إيمان من لم يؤمن منهم بالرسالة المحمدية التي ذكرت الآيات القرآنية أن صفات نبيها مكتوبة في التوراة ،وأنهم كانوا يعرفون أنها الحق ،وأن كتابها منزل من الله برغم إيمان بعضهم الذين استطاعوا التغلب على الأنانية والهوى كل ذلك قد أنهى وجود السبب المذكور كما هو المتبادر .