وقوله:( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) ، أي:لما كانوا صابرين على أوامر الله وترك نواهيه وزواجره وتصديق رسله واتباعهم فيما جاؤوهم به ، كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمر الله ، ويدعون إلى الخير ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر . ثم لما بدلوا وحرفوا وأولوا ، سلبوا ذلك المقام ، وصارت قلوبهم قاسية ، يحرفون الكلم عن مواضعه ، فلا عمل صالحا ، ولا اعتقاد صحيحا; ولهذا قال:( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ) قال قتادة وسفيان:لما صبروا عن الدنيا:وكذلك قال الحسن بن صالح .
قال سفيان:هكذا كان هؤلاء ، ولا ينبغي للرجل أن يكون إماما يقتدى به حتى يتحامى عن الدنيا .
قال وكيع:قال سفيان:لا بد للدين من العلم ، كما لا بد للجسد من الخبز .
وقال ابن بنت الشافعي:قرأ أبي على عمي - أو:عمي على أبي - سئل سفيان عن قول علي ، رضي الله عنه:الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ألم تسمع قوله:( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا ) ، قال:لما أخذوا برأس الأمر صاروا رؤوسا . قال بعض العلماء:بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين .
ولهذا قال تعالى]:( ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة [ ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين وآتيناهم بينات من الأمر] فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم ) [ الجاثية:16 ، 17] ، كما قال هنا: