{وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد ( 7 ) أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد ( 8 ) أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ( 9 )} [ 7 – 9] .
مزقتم كل ممزق: كناية عما يصير إليه الناس بعد الموت من البلى والتفتت والانتثار .
في الآيات حكاية لأقوال أخرى للكفار حول البعث ؛حيث كانوا حينما يكرر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبار الآخرة وأهوالها وينذر بها ويؤكد حقيقية البعث يستنفرون الناس استنفار تشويش واستنكار وهزء قائلين لهم: تعالوا ندلكم على الرجل الذي ينبئ الناس أنهم سيخلقون خلقا جديدا بعد أن يموتوا وتبلى أجسادهم وعظامهم وتتفتت وتنثر في الأرض .وكانوا يتساءلون على سبيل التهويش والاستنكار عما إذا لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما يفتري على الله الكذب أو أنه اعتراه الجنون .ورد عليهم بأن الذين لا يؤمنون بالآخرة هم الذين في حقيقة الأمر في ضلال ،وأن لهم من أجل ضلالهم هذا العذاب الشديد .ثم انتقل الكلام في الآيات إلى البرهنة على قدرة الله وعظمته ،فكيف يشكون في ذلك ،وهم يرون مشاهد عظمة الله تعالى وقدرته ماثلة في السماء والأرض وبين أيديهم وخلفهم .ثم أنذرتهم الآية الأخيرة إنذارا رهيبا فلو شاء الله لعجل عليهم بلاءه القاصم فخسف بهم الأرض أو أسقط عليهم كسفا من السماء ،وأهابت بأصحاب النوايا الحسنة ففي الكون من الآيات الدالة على قدرة الله براهين يدركها كل من حسنت نيته فأناب إلى الله واعترف بالعبودية له .
وصلة الآيات بسابقاتها واضحة من حيث إنها استمرار في حكاية إنكار المشركين للبعث أو استمرار في حكاية المشهد الجدلي والحجاجي حوله بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبينهم .
وأسلوب الآيات إجمالا يدل بصراحة أكثر من المناسبات السابقة على أن تساؤلهم المستغرب المندهش وأن نسبتهم الجنون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت تعبيرا عما يخالجهم في أنه يقول ما لا يصدق وما لا يعقل .كما أن أسلوبها ومضمونها يدلان أكثر من المناسبات السابقة على أن البعث الأخروي كان من الأسباب الرئيسية لكفر الكفار ووقوفهم من الدعوة موقف الإنكار والعناد .