هل يملك الكافرون بالآخرة غير أساليب السخرية والاستهزاء ،عندما تعوزهم أساليب الفكر والعلم ؟
هكذا كان موقفهم أمام فكرة الإيمان بالآخرة التي قدّمها النبيّ ،كما قدَّمها الأنبياء من قبله ،على أساس إمكان الفكرة في مضمونها العقيدي ،وعلى أساس صدقها من خلال صدق الوحي النازل من الله سبحانه وتعالى .
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} بالآخرة ،وهم يشيرون إلى رسول الله بإشاراتٍ توحي بالاستهزاء ،وتدعو إلى الإنكار والاستغراب ،ليطرحوا المسألة التي يثيرها في دعوته ،كما لو كانت من المسائل غير القابلة للنقاش ،لأن الفكر العاديّ يرفضها بشكلٍ عفويٍّ سريعٍ من دون مناقشة ،{هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} وتقطعت أوصالكم ،وتفرقت أجسادكم ،حتى تحوَّلت إلى عظام نخرةٍ موزعةٍ بين نواحي الأرض ،وإلى ذرات ضائعةٍ في التراب ،{إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} كما كنتم في الخلق الأوّل في حيوية الحياة وحركتها ونضارتها وتجدّدها وفاعليتها !إنه كلام غير معقول ،ومع ذلك ،فإنه ينسبه إلى وحي الله ،