{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( 11 ) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ( 12 ) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ( 13 )} .
تعليق على الآية
{ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله}
والآيتين التاليتين لها وما فيها من تلقين وما ورد في صددها من أحاديث
في الآيات:
( 1 ) تقرير بأن ما يصاب به أحد من مصيبة فإنه بإذن الله العليم بكل شيء .
( 2 ) وتعقيب على ذلك بأن من يؤمن بالله تعالى ويفوض الأمر إليه يرزقه الله هداية القلب والطمأنينة والسكينة ،فيتقبل الأمر الواقع الذي لا يد له فيه بالرضاء والصبر .
( 3 ) وأمر موجه للمسلمين بوجوب طاعة الله ورسوله في كل حال ودون أن يمنعهم أي شيء من هذا الواجب جاعلين اتكالهم على الله الذي لا إلاه إلا الله هو والذي يجب على المؤمنين أن يجعلوا اتكالهم عليه دائما .
( 4 ) وإيذان لمن لم يستمع لهذا التلقين والعظة ،ويتولى عن واجب الطاعة لله ورسوله بأنه ليس على الرسول إلا التبليغ .والأمر والإرشاد والبيان .وقد انطوى في الإيذان معنى الإنذار كما هو المتبادر أيضا .
ولم نطلع على رواية خاصة بنزول هذه الآيات ،والمتبادر أنها فصل مستقل لا علاقة له بالآيات السابقة .ومضمونها وروحها يلهمان أنها بسبيل الإشارة إلى حادث ما أو موقف ما أو بسبيل تهوين مصيبة أصيب بها بعض المسلمين في أثناء قيامه بتنفيذ أمر أمره النبي صلى الله عليه وسلم ،ثم بسبيل تثبيت وتوطيد الطاعة لله ولرسوله لعل الآيات التالية متصلة بها ومنطوية على شيء من إيضاح المناسبة أو الموقف الذي نزلت فيه على ما سوف يأتي شرحه بعد .
وورود الآيات بهذا الأسلوب يدل على أن الحادث أو الموقف قد جعل للتهوين والتثبيت والعظة لعامة المؤمنين أيضا ،بالإضافة إلى صاحب العلاقة ،ولقد انطوت على علاج نفساني قوي يستمد منه المؤمن قوة وصبرا وسكينة وطمأنينة وإسلاما لله واتكالا عليه في الأزمات والملمات الطارئة أو المتوقعة التي لا تخلو حياة الناس منها في كل وقت ومكان .نرى الأولى بل الأوجب أن يوقف عند ذلك في موضوع قدر الله تعالى وكون ما يصيب الناس من مصائب هي مقدرة تقديرا محتوما عليهم ؛لأن هذا ليس من مقاصد الآيات في مقامها على ضوء الشرح المستلهم من ذلك .والله تعالى أعلم .
ولقد تكرر مثل هذه المعالجات النفسية في ظروف مماثلة مرت أمثلة منها في سور سبق تفسيرها وأوردنا في صددها بعض الأحاديث النبوية وبخاصة في سياق الآية ( 155 ) من سورة البقرة ،فنكتفي بهذا التنبيه دون التكرار .
ولقد أورد ابن كثير في سياق هذه الآيات حديثين نبويين فيهما من التلقين والعلاج ما هو متسق من محتويات الآيات وتدعيم لما نبهنا عليه .واحدا منهما وصفه بأنه متفق عليه جاء فيه ( عجبا للمؤمن لا يقضي الله قضاء إلا كان خيرا له .
إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له .وليس ذلك لأحد إلا المؤمن ) وواحدا رواه الإمام أحمد جاء ( إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي العمل أفضل ؟قال: إيمان بالله وتصديق به وجهاد في سبيله .قال: أريد أهون من هذا يا رسول الله .قال: لا تتهم الله في شيء قضى لك به .