{يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم 6 الذي خلقك فسواك فعدلك 1 7 في أي صورة ما شاء ركبك 8} [ 6-7] .
وفي هذه الآيات وجه الخطاب للإنسان بأسلوب التنديد والتذكير وبصيغة الاستفهام الإنكاري عما جعله يغتر فيستهين بنقمة الله ويجرؤ على الوقوف منه موقف الكفر والجحود ،وهو الذي خلقه وسوّى أعضاءه وجعله متناسب الخلق ووهبه من المواهب ما ميزه على غيره ،وركبه في أحسن الصور التي شاءت حكمته أن يكون عليها جنسه خلقا ومواهب .
والآيات قوية لاذعة حيث تذكر السامع بكرم الله عليه وتندد به على مقابلته ذلك بالجحود ،وليست منقطعة عن المطلع الذي أكد فيه مجيء يوم القيامة ومحاسبة الناس على أعمالهم .فجاءت تندد بالذين لا يخشون الله ويكفرون بنعمته وفضله .
ولقد روى البغوي عن عطاء أن هذه الآيات نزلت في الوليد بن المغيرة وعن الكلبي ومقاتل أنها نزلت في الأسود بن شريق ضرب النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعاقبه الله عاجلا .
ولقد جاء بعد هذه الآيات خطاب للسامعين بصيغة الجمع تقرر واقع أمرهم في تكذيبهم بيوم الجزاء وإنذارهم ،حيث يسوغ هذا التوقف في ما جاء من روايات في سبب نزول الآيات والقول: إنها خطاب عام للناس والجاحدين منهم بخاصة وفي صدد توكيد البعث والجزاء الأخرويين .والتنديد بجاحدي نعم الله وأفضاله .
والآيات الثلاث [ 6-8] التي تنوّه بحسن خلقة الإنسان تسجل ما اقتضته حكمة الله تعالى من تميزه في ذلك عن الحيوانات الأخرى ،وما في ذلك من تكريم له ليستحكم التنديد بالذين يتجاهلون فضل الله العظيم عليهم ويجحدونه .