المفردات:
ما غرك بربك: ما خدعك وجرّأك على عصيانه .
التفسير:
6- يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم .
ينادى الإنسان ويذكّره بتكريم الله تعالى له ،فقد خلق الله آدم بيده ،ونفخ فيه من روحه ،وأسجد له الملائكة ،وكرّم الإنسان ومنحه العقل والإرادة والاختيار ،وفتح أمامه أبواب السموّ الروحي والعقلي ،وسخّر الله له الكون ،وأمدّه بسائر النعم .
قال تعالى: وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها إنّ الإنسان لظلوم كفار .( إبراهيم: 34 ) .
ومن كرم الله أنه لا يعجل بالعقوبة على العصاة ،بل يؤجل عقوبتهم ،ويقبل توبة التائبين ،ويغفر للمستغفرين ،ويتوب على العصاة والمذنبين إذا أنابوا إليه ،ورجعوا إلى حماه .
ومع هذا الكرم العظيم نجد الإنسان يستمتع بنعم الله ،ولا يؤدي حق الله ،وأحيانا يبارز مولاه ،كما قال القائل:
ولم لا أنوح على المعاصي وقد بارزت جبّار السماء
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم .
فقال: ( غرّه الجهل ) .
وقال مثل ذلك عمر رضي الله عنه ،وقرأ: إنه كان ظلوما جهولا .( الأحزاب: 72 ) .
وقيل: غرّه عفو الله إذ لم يعاجله بالعقوبة أول مرة ،وقيل: غرّه عدوّه المسلّط عليه ،وهو الشيطان .
وقد أخرج ابن أبي حاتم ،عن عكرمة في قوله تعالى: يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم .قال: نزلت في أبيّ بن خلف ،نزلت في أبيّ الأشد بن كلدة الجمحيّ ،وقال ابن عباس: الإنسان هنا هو الوليد ابن المغيرة .
والأصح أن الآية تتناول جميع العصاة ،لأن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ ،فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب نزلت الآية من أجله .