{ وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون100} .
أي ما استقام لنفس أن تؤمن بالله وباليوم الآخر والرسل الذين جاءوا بالأدلة الحاسمة إلا بإذن الله تعالى توجيها وتصريفا وتوفيقا فهو سبحانه وتعالى الملهم خلق النفس فسواها ألهمها فجورها وتقواها ، فمن سلك سبيل الهداية والرشاد واتبع ما جاء به الرسل واستمع إليهم أخذ الله تعالى بيده إلى الإيمان ، ومن سلك سبيل الغواية أمعن في طريق الضلال ، وكلاهما بإذن الله تعالى وإرادته .
{ ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون} الرجس هو الأمر المستقذر في العقل والإدراك والحس ، كقوله تعالى:{ قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به . . .145} ( الأنعام ) ، أي أنه قذر حسا ، والكفر يعد قذارة معنوية يصيب الفكر كما يصيب لحم الخنزير المعدة بالقذارة ، فإطلاقه على الكفر والتخاذل والبعد عن الله تعالى من قبيل المجاز بالاستعارة .
وفي قوله تعالى:أنه يجعل الرجس على الذين لا يدركون بعقولهم الفرق بين الحق والباطل ، ولا يعملون بقلوبهم ، بل يقولون نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ولا يديرون الأمور بميزان العقل فهم في ضلال بعيد .