{ ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون 52} .
{ ثم} للعطف والترتيب والتراخي ، والعطف هنا يكون على الاستفهام السابق وما تضمن من توبيخ وتهكم بهم ، كما تهكموا على أوامر الله تعالى ونواهيه من قبل ، ودعوتهم إلي الإيمان باليوم الآخر وما فيه من حساب وعقاب وثواب ، والتراخي في الانتقال من مرتبة التوبيخ على الكفر إلى مرتية العذاب العتيد الحاضر المهيأ .
قوله تعالى:{ قيل للذين ظلموا} بني للمجهول للإشارة إلى أنه استخفاف منطقي يقال بحكم المنطق والوقوع لكفرهم ، وعبر عنهم بالموصول{ للذين} للإشارة إلى سبب العقاب وهو ظلمهم بالشرك وقصد الضلال والإفساد في الأرض وأشاعه زور القول وبهتانه ، وإفراطهم في الأخذ بالماديات التي سيطرت على أفهامهم وصاروا لا يؤمنون إلا بها .
{ ذوقوا عذاب الخلد} فيه إضافة العذاب إلي بيان له هو أنه خالد دائم ما دامت السموات والأرض ، وفي قوله تعالى:{ ذوقوا} تشبيه للعذاب بالشيء الذي يذاق فيصيب إحساسهم ، حتى أنهم يذوقونه كما يذاق الشيء المؤلم المرير .
{ هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون} فيه أن العذاب بسبب ما كنتم تكسبون من أعمال خبيثة فيها إيذاء للناس وإفساد لعقائدهم فهو جزاء وفاق ، والجمع بين الماضي والمستقبل دليل على أنهم يكسبون الشر دائما لا ينأون عنه ولا يقصرون .
والاستفهام هنا إنكاري بمعنى إنكار الوقوع ، والمعنى لاتجزون إلا ما كنتم تكسبون ، فجعل سبحانه الجزاء كأنه العمل الذي استوجبه أصلا ، وذلك مبالغة في العدالة فالجزاء والعمل متساويان .
الجزاء شديد