{ نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين 3} .
الضمير{ نحن} ضمير المتكلم ، وهو الله تعالى ، وهو الله العظيم في ذاته وصفاته ،{ نقص عليك أحسن القصص} ، والقصص الإخبار المتتابع ، الذي يحكي ، ويتبع ما يحكيه ، تتبع الاستقصاء ، وعبر عنه سبحانه بأنه{ أحسن القصص} ؛ لأنه قص بأبدع أسلوب ، ولأنه يبين عجائب النفوس ، وفيه أحسن الآداب ، وما ينبغي لاتقاء آفات النفوس ، وانحرافها ، ولأن فيها علاج الآفات النفسية التي ينزغ فيها الشيطان نزغته ، ولأن فيها علاج الأمم في اجتماعها واقتصادها وإفضاء بالخير على جيرانها ، وإمداد المحتاجين من الأمم ، ففيه الخير ، كما في إمداد الآحاد بالخير .
{ بما أوحينا عليك هذا القرآن} أي أن هذا القصص مصدره الوحي ، ولا علم لأحد به حتى يعلمك هذا ، ولذا قال:{ بما أوحينا إليك} ، أي بإيحائنا ، ولا مصدر له إلا وحي الله تعالى ، وقد أوحي به في ضمن القرآن الكريم ، ليكون دليلا من أدلة إعجازه ، وسببا من أسباب الإعجاز ، وإذ أخبر بما هو صادق ، ولم يكن للعرب علم به عندهم ، ولذا قال تعالى:{ وإن كنت من قبله لمن الغافلين} "إن"مخففة من الثقيلة ، وإنها ضمير الشأن والحال ، والمعنى وإن الحال والشأن كنت من الغافلين ،و"اللام"لام التوكيد ، وقد تأكد نفي علم النبي بذلك من غير الوحي ب"إن"المخففة من الثقيلة ، و"كان"الدالة على استمرار غفلته عنه من قبل ذلك القرآن المبين الذي أوحى به .
وعبر سبحانه بإثبات الغفلة ، لا بمجرد نفي العلم ؛ للإشارة إلى أن هذا من دقائق العلم وعميقه الذي تغفل منه العلماء ، إلا من يكون آتاه الله تعالى وحيا من علام الغيوب ؛ لأنه علم بالنفوس ، وخواطرها وما تختلج به الأفئدة ، وذلك لا يكون إلا من عليم ، وفيه علم كامل بالاقتصاد من غير تعليم أحد من البشر ، فعلم يوسف بالاقتصاد الصالح مع النزاهة النبوية علم من الله ، فعلمه الله تعالى تأويله الرؤيا الصادقة ، وبها اهتدى ودبر الأمر ، وادخر من سني الرخاء للشدة ، وكان تدبيره خيرا ، وبذلك علم الناس ، ألا يسرفوا في رخاء حتى يقحطوا إذا اشتدت من بعد .
وقد ابتدأ سبحانه وتعالى ذكر القصص بذكر الرؤيا التي رآها ، وهو غلام ،