القول في تأويل قوله تعالى:نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)
قال أبو جعفر:يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:"نحن نقص عليك "يا محمد،"أحسن القصص "بوحينا إليك هذا القرآن ، فنخبرك فيه عن الأخبار الماضية، وأنباء الأمم السالفة والكتب التي أنـزلناها في العصور الخالية (20)، ( وإن كنت من قبله لمن الغافلين) ، يقول تعالى ذكره:وإن كنت يا محمد من قبل أن نوحيه إليك لمن الغافلين عن ذلك ، لا تعلمه ولا شيئا منه، (21) كما:
18772 حدثنا بشر ، قال:حدثنا يزيد ، قال:حدثنا سعيد ، عن قتادة:(نحن نقص عليك أحسن القصص) من الكتب الماضية وأمور الله السالفة في الأمم ، (وإن كنت من قبله لمن الغافلين).
* * *
وذكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لمسألة أصحابه إياه أن يقصَّ عليهم .
*ذكر الرواية بذلك:
18773 حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، قال:حدثنا حكام الرازي ، عن أيوب ، عن عمرو الملائي ، عن ابن عباس ، قال:قالوا:يا رسول الله ، لو قصصت علينا؟ قال:فنـزلت:(نحن نقص عليك أحسن القصص) . (22)
18774 حدثنا ابن حميد ، قال:حدثنا حكام ، عن أيوب بن سيار أبي عبد الرحمن ، عن عمرو بن قيس ، قال:قالوا:يا نبي الله ، فذكر مثله .
18775 حدثنا ابن وكيع ، قال:حدثنا أبي ، عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله ، قال:ملَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملّةً ، فقالوا:يا رسول الله حدثنا ! فأنـزل الله عز وجل:اللَّهُ نَـزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ[سورة الزمر:23] . ثم ملوا ملَّةً أخرى فقالوا:يا رسول الله حدثنا فوق الحديث ودون القرآن ! يعنون القصَص، فأنـزل الله:الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ، فأرادوا الحديث فدَّلهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصصَ فدلهم على أحسن القصص . (23)
18776 حدثنا محمد بن سعيد العطار ، قال:حدثنا عمرو بن محمد ، قال:أخبرنا خلاد الصفار ، عن عمرو بن قيس ، [عن عمرو بن مرة] ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد ، قال:أنـزل على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ، قال:فتلاه عليهم زمانًا ، فقالوا:يا رسول الله ، لو قصصت علينا ! فأنـزل الله:الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ، إلى قوله:لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، الآية . قال:ثم تلاه عليهم زمانًا ، فقالوا:يا رسول الله لو حدثتنا ! فأنـزل الله تعالىاللَّهُ نَـزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا[سورة الزمر:23] ، قال خلاد:وزاد فيه رجل آخر ، قالوا:يا رسول الله ،أو قال أبو يحيى:ذهبت من كتابي كلمة ،فأنـزل الله:أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ[سورة الحديد:16]. (24)
* * *
----------------------
الهوامش:
(20) انظر تفسير"القصص"فيما سلف ص:539 ، تعليق:2 ، والمراجع هناك .
(21) انظر تفسير"الغفلة"فيما سلف ص:545 ، تعليق:2 ، والمراجع هناك .
(22) الأثران:18773 ، 18774 -"أيوب بن سيار ، أبو عبد الرحمن"، لم أجده بهذه الكنية وإنما ذكروا"أيوب بن سيار الزهري المدني"وكناه البخاري"أبا سيار"، قال البخاري:"منكر الحديث"، وقال ابن حبان:"كان يقلب الأسانيد ، ويرفع المراسيل". مترجم في الكبير 1 / 1 / 417 ، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 248 ، وميزان الاعتدال 1:134 ، ولسان الميزان 1:482 ، وكأنه هو . هو نفسه:"أبو عبد الرحمن"، و"أبو سيار"، له كنيتان . وقد روى الأول مرفوعًا إلى ابن عباس ، والآخر موقوفًا . ثم انظر حديث عمرو بن قيس الملائي ، مرفوعًا إلى سعد بن أبي وقاص ، برقم:18776 . فلعل هذا مما قلبه أيوب بن سيار .
(23) الأثر:18775 -"عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود"، روى عن أبيه وعمه مرسلا . وهذا الخبر ، خرجه السيوطي في الدر المنثور 4:3 من طريق عون بن عبد الله ، عن ابن مسعود ، فهو مرسل . وذكره الواحدي في أسباب النزول:203 .
(24) الأثر:18776 -"محمد بن سعيد بن غالب البغدادي ، العطار ، الضرير"،"أبو يحيى"، شيخ الطبري . روى عن ابن علية ، وعبد الله بن نمير ، والشافعي ، ووهب بن جرير ، وغيرهم . ثقة ، مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 266 ، وتاريخ بغداد 5:306 . "وعمرو بن محمد القرشي العنقزي"، ثقة ، جائز الحديث ، مضى برقم:6139 ، 12369 ، 13258 . "وخلاد الصفار"، هو:"خلاد بن عيسى العبدي"، ويقال:"خلاد بن مسلم"، وكنيته"أبو مسلم". ثقة ، مضى برقم:3014 . "وعمرو بن قيس الملائي"، ثقة ، مضى مرارًا كثيرة . "وعمرو بن مرة المرادي الجملي"، ثقة ، روى له الجماعة ، وهو الذي يروي عن مصعب ابن سعد ، مضى مرارًا كثيرة . وكان اسمه ساقطًا من الإسناد في المخطوطة والمطبوعة ، وزدته بين القوسين ، لأن ابن كثير نقل هذا الخبر في تفسيره 4:411 ، عن هذا الموضع من تفسير الطبري ، وجاء على الصواب كما أثبته ، كما رواه الحاكم وغيره ، كما سترى في التخريج . و"مصعب بن سعد بن أبي وقاص"، تابعي ثقة ، روى له الجماعة ، روى عن أبيه ، مضى برقم:9841 ، 11450 ، 16633 . وهذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك 2:345 ، من هذه الطريق نفسها ، وقال:"هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي ، ولكن الحاكم قال:"حدثنا خلاد بن مسلم"، فقال الذهبي:"صوابه:خلاد أبو مسلم الصفار ، وأبوه اسمه عيسى"، وقد رأيت قبل ما ذكر من الاختلاف في اسم أبيه . ونقله عن الحاكم ، الواحدي في أسباب النزول:203 ، وليس فيهما هذه الزيادة عن خلاد في آخر الحديث .
وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4:3 ، وزاد نسبته إلى إسحاق بن راهوية ، والبزار ، وأبي يعلى ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه .