{ إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون} .
والأخوة هنا هي الأخوة بالمعنى الخاص ، وهو أنهما شقيقان ، ولأن حقدهما عليهما جعلهما ينحازان في منحاز واحد ، كما أراد الإخوة الكبار ، وتذهب به شفقته ، وما أنعم الله تعالى به عليه إليه التسرية عن نفس أخيه بقوله{ فلا تبتئس بما كانوا يعملون} ، أي فلا تدخل على نفسك البؤس والحزن بما كانوا يعملون ، أي بما استمروا على عمله من إثارة للحسد والحقد ، عملوه معي وكانت عاقبته ما ترى لي ، فقد آلت عاقبة فعلهم إلى أن أكون عزيز مصر ، وما يفعلونه معك لا تتصوره أن تكون عاقبته شرا ، فعاقبته لك خيرا .
وكأنه أسر إليه بالإطمئنان إزاء ما سيفعله معهم ، لا إرهابا ولا انتقاما ، فمعاذ نبي الله أن يكون منتقما جبارا ، ولكن ليبقى أخوه في ظله ، وليستمتع كلاهما بالأخوة الرفيقة القريبة ، كما سيتبين من الآيات .
جهزهم بجهازهم الذي جاءوا طامعين أن يزيدهم كيل بعير ، وحقق ما يبتغون ، ومكر بهم مكرا طيبا ، ليس خبيثا ، ولا اعتداء كما فعلوا هم معه ، فجعل الصواع الذي كال به في رحل أخيه ، ولذا قال تعالى: