موقع جملة{ ولما دخلوا على يوسف} كموقع جملة{ ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم}[ سورة يوسف: 68] في إيجاز الحذف .
والإيواء: الإرجاع .وتقدم في قوله تعالى:{ أولئك مأواهم النار} في سورة يونس ( 8 ) .
وأطلق الإيواء هنا مجازاً على الإدناء والتقريب كأنه إرجاع إلى مأوى ،وإنما أدناه ليتمكن من الإسرار إليه بقوله: إني أنا أخوك} .
وجملة{ قال إني أنا أخوك} بدل اشتمال من جملة{ آوى إليه أخاه} .وكلمه بكلمة مختصرة بليغة إذ أفاده أنه هو أخوه الذي ظنه أكلَه الذئب .فأكد الخبر ب ( إنّ ) وبالجملة الإسمية وبالقصر الذي أفاده ضمير الفصل ،أي أنَا مقصور على الكون أخاك لا أجنبي عنك ،فهو قصر قلب لاعتقاده أن الذي كلّمه لا قرابة بينه وبينه .
وفرّع على هذا الخبر{ فلا تبتئس بما كانوا يعملون} .والابتئاس: مطاوعة الإبئاس ،أي جَعْل أحد بائساً ،أي صاحب بؤس .
والبؤس: هو الحزن والكدر .وتقدم نظير هذا التركيب في قصة نوح عليه السلام من سورة هود .والضميران في{ كانوا} و{ يعملون} راجعان إلى إخوتهما بقرينة المقام ،وأراد بذلك ما كان يجده أخوه ( بنيامين ) من الحزن لهلاك أخيه الشقيق وفظاظة إخوته وغيرتهم منه .
والنهي عن الابتئاس مقتضضٍ الكفّ عنه ،أي أزلْ عنك الحزن واعتْضْ عنه بالسرور .
وأفاد فعل الكون في المضي أن المراد ما عَملوه فيما مضى .وأفاد صوغ{ يعملون} بصيغة المضارع أنه أعمال متكررة من الأذى .وفي هذا تهيئة لنفس أخيه لتلقي حادث الصُّوَاع باطمئنان حتى لا يخشى أن يكون بمحل الريبة من يوسف عليه السلام .