تقدم الكلام على نظير قوله:{ فلما جهزهم بجهازهم} في الآيات قبل هذه .وإسناد جعل السقاية إلى ضمير يوسف مجاز عقليّ ،وإنما هو آمر بالجعل والذين جعلوا السقاية هم العبيد الموكّلون بالكيل .
والسقاية: إناء كبير يُسقى به الماء والخمر .والصُّوَاع: لغة في الصاع ،وهو وعاء للكيل يقَدّر بوزن رطل وربع أو وثلث .وكانوا يشربون الخمر بالمقدار ،يقدّر كل شارب لنفسه ما اعتاد أنه لا يصرعه ،ويجعلون آنية الخمر مقدّرة بمقادير مختلفة ،فيقول الشارب للساقي: رطلاً أو صاعاً أو نحو ذلك .فتسمية هذا الإناء سقاية وتسميته صُوَاعاً جارية على ذلك .وفي التوراة سمي طاسا ،ووصف بأنه من فضة .
وتعريف{ السقاية} تعريف العهد الذهني ،أي سقاية معروفة لا يخلو عن مثلها مجلس العظيم .
وإضافة الصُّواع إلى الملك لتشريفه ،وتهويل سرقته على وجه الحقيقة ،لأن شؤون الدولة كلها للمَلك .ويجوز أن يكون أطلق الملك على يوسف عليه السلام تعظيماً له .
والتأذين: النداء المكرر .وتقدم عند قوله تعالى:{ فأذن مؤذن بينهم} في سورة الأعراف ( 44 ) .
والعِير: اسم للحمولة من إبل وحَمير وما عليها من أحمال وما معها من ركابها ،فهو اسم لمجموع هذه الثلاثة .وأسندت السرقة إلى جميعهم جريا على المعتاد من مؤاخذة الجماعة بجرم الواحد منهم .
وتأنيث اسم الإشارة وهو{ أيتها} لتأويل العير بمعنى الجماعة لأن الركاب هم الأهم .
وجملة{ قالوا} جواب لنداء المنادي إياهم{ إنكم لسارقون} ،ففصلت الجملة لأنها في طريقة المحاورة كما تكرر غير مرة .
وضمير{ قالوا} عائد إلى العير .