القول في تأويل قوله تعالى:وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:ولما دخل ولد يعقوب على يوسف ، (آوى إليه أخاه) ، يقول:ضم إليه أخاه لأبيه وأمه. (10)
* * *
وكان إيواؤه إياه، (11) كما:-
19503- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي:(ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه) ، قال:عرف أخاه , فأنـزلهم منـزلا وأجرى عليهم الطعام والشراب. فلما كان الليلُ جاءهم بِمُثُل، فقال:لينم كل أخوين منكم على مِثَال. (12) فلما بقي الغلام وحده، قال يوسف:هذا ينام معي على فراشي . فبات معه , فجعل يوسف يشمُّ ريحه , ويضمه إليه حتى أصبح , وجعل روبيل يقول:ما رأيْنا مثل هذا! أريحُونا منه!
19504- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق قال:لما دخلوا ،يعني ولد يعقوب ،على يوسف، قالوا:هذا أخونا الذي أمرتَنا أن نأتيك به , قد جئناك به. فذكر لي أنه قال لهم:قد أحسنتم وأصبتم , وستجدون ذلك عندي ،أو كما قال . ثم قال:إني أراكم رجالا وقد أردت أن أكرمكم. ودعا [صاحب] ضيافته. (13) فقال:أنـزل كل رجلين على حدة , ثم أكرمهما، وأحسن ضيافتهما. ثم قال:إني أرى هذا الرجل الذي جئتم به ليس معه ثانٍ، فسأضمه إليّ , فيكون منـزله معي . فأنـزلهم رجلين رجلين في منازل شتَّى , وأنـزل أخاه معه , فآواه إليه. فلما خلا به قال إني أنا أخوك، أنا يوسف، فلا تبتئس بشيء فعلوه بنا فيما مضى , فإن الله قد أحسن إلينا , ولا تعلمهم شيئًا مما أعلمتك . يقول الله:(ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون).
19505- حدثنا بشر قال:حدثنا يزيد قال:حدثنا سعيد , عن قتادة قوله:(ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه) ، ضمه إليه، وأنـزله , وهو بنيامين.
19506- حدثني المثنى قال:حدثنا إسحاق قال:حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال:حدثني عبد الصمد بن معقل قال:سمعت وهب بن منبه يقول ،وسئل عن قول يوسف:(ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون)،:كيف أصابه حين أخذ بالصُّواع , وقد كان أخبره [أنه] أخوه، (14) وأنتم تزعمون أنه لم يزل متنكرًا لهم يكايدهم حتى رجعوا؟ فقال:إنه لم يعترف له بالنسبة , ولكنه قال:(أنا أخوك) مكانَ أخيك الهالك ، (فلا تبتئس بما كانوا يعملون) ، يقول:لا يحزنك مكانهُ.
* * *
وقوله:(فلا تبتئس) ، يقول:فلا تستكِنْ ولا تحزن.
وهو:"فلا تفتعل "من "البؤس ",يقال منه:"ابتأس يبتئس ابتئاسًا ". (15)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
*ذكر من قال ذلك:
19507- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة:(فلا تبتئس) ، يقول:فلا تحزن ولا تيأس.
19508- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد قال:سمعت وهب بن منبه يقول:(فلا تبتئس) ، يقول:لا يحزنك مكانه.
19509- حدثنا ابن وكيع قال:حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي:(فلا تبتئس بما كانوا يعملون) ، يقول:لا تحزن على ما كانوا يعملون.
* * *
قال أبو جعفر:فتأويل الكلام إذًا:فلا تحزن ولا تستكن لشيء سلف من إخوتك إليك في نفسك، وفي أخيك من أمك , وما كانوا يفعلون قبلَ اليوم بك .
----------------------
الهوامش:
(10) انظر تفسير"الإيواء"فيما سلف 15:422 ، تعليق:1 ، والمراجع هناك .
(11) كان الكلام في المطبوعة هكذا:"وكل أخوه لأبيه"، فلم يحسن قراءة المخطوطة ، فجاء بكلام لا معنى له ، وكان فيها:"وكل إيواوه إياه"غير منقوطة ، وهذا صواب قراءته .
(12) "المثال"( بكسر الميم ) ، وجمعه"مثل"( بضمتين ) ، وهو الفراش ، وفي الحديث أنه دخل على سعد بن أبي وقاص ، وفي البيت متاع رث ومثال رث أي:فراش خلق بال . ويقال:هو النمط الذي يفترش من مفارش الصوف الملونة .
(13) في المطبوعة"ودعا ضافته"، ولا أجد لها وجهًا . وفي المخطوطة كما أثبتها ، ولكنه لا يستقيم إلا بالذي زدته بين القوسين .
(14) في المطبوعة والمخطوطة:"كيف أجابه حين أخذ بالصواع ، وقد كان أخبره أخوه"، ولعل الصواب ما أثبت ، مع هذه الزيادة بين القوسين .
(15) انظر تفسير"ابتأس"فيما سلف 15:306 ، 307