فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين 88 قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذا أنتم جاهلون 89 قالوا أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين90 قالوا تالله لقد آثارك الله علينا وإن كنا لخاطئين91 قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين 92 اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين 93
طلب إليهم أبوهم أن يتحسسوا ، ويتتبعوا أثر يوسف وأخيه ، ولا ييئسوا من روح الله ، ولعلهم أطاعوا وأخذوا الأهبة ، ليتعرفوا آثار أخويهم ، وخصوصا أنهم يذهبون لمصر للميرة ، وهي مكان تحسسهم ، فذهبوا إليها ، ولقوا يوسف كبيرها{ فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين 88}
( الفاء ) هنا تفصح عن كلام مقدر تقديره قصدوا إلى يوسف ، فلما دخلوا عليه ، نادوه بما يليق بمنصبه ، وبمكانته التي صار بها عزيز مصر ، وخاطبوه بذلك متلطفين طالبين عطفه ورفده{ مسنا وأهلنا الضر} وهو الضرر الذي يصيب الجسم في داخله ، وذلك الضر الذي أصابهم سببه الجوع ،{ وجئنا ببضاعة مزجاة} أي مردودة مدفوع عنها ، لرداءتها وعدم الرغبة فيها ، أي جئنا ببضاعة ليس من شأنها أي تقبل ، بل من شأنها أن تزجى وتدفع ،{ فأوف لنا الكيل} ، الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، وإيفاء الكيل ليس مترتبا على كون البضاعة مزجاة مدفوعة ، إنما أيضا الكيل مترتب على إصابتهم الضر ، أي بسبب هذا الضر أوف الكيل مع أن الثمن الذي نقدمه بضاعة مزجاة .
{ وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين} أي تصدق بهذا الوفاء وبالزيادة عليه مع أن البضاعة التي جعلناها ثمنا رديئة ترد ولا تقبل ،{ إن الله يجزي المتصدقين} ، فاطلب حب الله ، ولا تطلب عوضا منا .
أن ليوسف الصديق الرفيق الشفيق الصالح أن يظهر شخصه مع ما من الله تعالى به عليه: