ولقد ذكر سبحانه وتعالى أن كل شيء عنده بمقدار ، وأن كل شيء عنده خزائنه ، فقال تعالى:{ وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ( 21 )} .
( إن ) هنا نافية ، و ( من ) صلة لبيان عموم النفي ، والمعنى ما من شيء إلا عندنا علمه ، والمكان الذي يكون منه ، ونحن الذين نظهره إن أردناه ولا ننزله إلا بقدر معلوم .
فالمراد كمال السلطان ، وإحكام الخلق والتكوين ، وبسط الرزق ، وتقتيره ، الله يبسط لمن شاء ويقدر ، وقد يعطى العاصي إملاء له ليكون عقابه ، وقد يمنع التقى اختبارا لصبره ورجاء ثوابه ، وكل له ثواب وجزاء ، فالعطاء بيد الله ، والتعبير بقوله تعالى:{ عندنا خزائنه} مجاز عن علمه سبحانه وتعالى المحيط بكل شيء ، وبأنه سبحانه وتعالى الموزع للأرزاق ، وأنه المختبر للناس بعطائه ومنعه ، فهو يختبر من يعطيه بالعطاء ليكفر النعمة أو يشكرها ، ويختبر من يمنعه ليصبر أو يجزع ، وكل بقدر معلوم ، لا يكون عفوا من غير تقدير ، بل بإحكام وتدبير .