ثم بين سبحانه المخلوق ، ووزن حاجته فقال تعالت كلماته:
{ وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين ( 20 )} .
وجعل لكم في الأرض معايش ، أي مكنكم من أن تتخذوا معايش لكم من طعام موفور ، وثياب سابغة ، ومأوى تأوون إليه ، مكنكم سبحانه وتعالى ، لكم ولأولادكم ، وكل من يكونون في عيالكم ، والضعفاء الذين تعاونونهم ، مكنكم من هذه المعايش ومكن حيواناتكم الأليفة من الرزق ، وعبر عن هؤلاء الأتباع بقوله:{ ومن لستم له برازقين} ، أي أتباعكم الذين لا ترزقونهم أنتم ، بل الله تعالى هو رازقهم ، ليعلموا أنهم لا يرزقون أولادهم حتى يقتلوهم أو يؤذوهم ، بل الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين ، وقد قال البيضاوي في قوله تعالى:{ ومن لستم له برازقين} "يريد به العيال والخدم والمماليك ، وسائر ما يظنون أنهم يرزقونهم ظنا كاذبا ، فإن الله يرزقكم وإياكم ، وفذلكة الحياة الاستدلال بجعل الأرض ممدودة بمقدار وشكل معينين مختلفة الأجزاء في الوضع محدثة فيها أنواع النبات والحيوان المختلفة خلقه ، وطبيعة ، مع جواز ألا تكون كذلك على كمال قدرته ، وتناهى حكمته ، والتفرد في الألوهية ، والامتنان على العباد بما أنعم عليهم من ذلك ليوحدوه .