وبما أنّ وسائل وعوامل حياة الإنسان غير منحصرة بالنبات والمعادن فقط ،ففي الآية التالية يشير القرآن الكريم إلى جميع المواهب بقوله: ( وجعلنا لكم فيها معايش ) .
ليس لكم فقط ،بل لجميع الكائنات الحية حتى الخارجة عن مسؤوليتكم ( ومَن لستم له برازقين ) .
نعم ،لقد كفينا لجميع احتياجاتهم .
«معايش » جمع «معيشة » ،وهي: الوسائل والمستلزمات التي تتطلبها حياة الإنسان ،والتي يحصل عليها بالسعي تارة ،وتأتيه بنفسها تارة أُخرى .
ومع أن بعض المفسّرين قد حصر كلمة «معايش » بالزراعة والنبات أو الأكل والشرب فقط ،ولكنّ مفهومها اللغوي أوسع من أن يخصص ،ويطلق ليشمل كل ما يرتبط بالحياة من وسائل العيش .
وانقسم المفسّرون في تفسير ( مَنْ لستم له برازقين ) إلى قسمين:
الأوّل: أنّ اللّه تعالى يريد أن يبيّن مواهبه ونعمه الشاملة للبشر والحيوان والكائنات الحية الأُخرى التي لا يملك الإنسان أمر تغذيتها ولا يستطيعه .
الثّاني: أنّ اللّه تعالى يريد تذكير الإنسان بأنّه سبحانه هو الرازق ،وقد تكفل بإيصال رزقه إلى كل محتاج له سواء كان بواسطة الإنسان أو بواسطة أُخرى{[2032]} .
ويبدو لنا أنّ التّفسير الأوّل أكثر صواباً ،ويعزز ذلك الحديث المروي في تفسير علي بن إِبراهيم ،حيث يتناول معنى ( ومَنْ لستم له برازقين ) على أنّه: ( لكل ضرب من الحيوان قدّرنا له مقدراً ){[2033]} .