أخذ إبليس المرجوم الملعون المطرود من رحمته يستعد للقيام بما أوجبه على نفسه حسدا وكبرا لآدم وذريته{ قال رب بما أغويتني لأزين لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين ( 39 )} أقسم إبليس لأزين لبني آدم ، ولأغوينهم أجمعين ، أي أنه يبتدئ بأن يزين لهم الشر ويحسنه ، وأول ( الشر ) استحسانه ، ثم يأخذهم إلى الضلال عن طريق ما يستحسنون ويشتهون ، والإغواء:الإضلال .
والغرور في الدنيا يبتدئ بتزيين الشيطان لها ، وحتى يغتروا بها ثم يكون بعد ذلك الضلال ، وقد أقسم على ذلك ولم يحنث في قسمه ، وقد ابتدأ كلامه بقوله:{ رب بما أغويتني} ، وهو أولا نادى بقوله:{ رب} شعورا بالربوبية ، وقد علمها وضل على علم ؛ لأنه لم يطع ربه وقال:{ بما أغويتني} ، أي بسبب أنك أغويتني ، وسمى الله تعالى له ليضل إغواء له ، مع أنه هو الذي اختار المخالفة والعناد ، وإن الله تعالى لا يهدي من اختار سبيل الشر وسار فيه .
وهكذا تجد إبليس حسد آدم ، إذ أمره الله تعالى بالسجود فامتنع حسدا وعنادا وحسدا ذرية آدم ؛ لأن الله تعالى تركه حتى غوى وضل فأراد إغواءهم ، كما غوى .