{قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي} وألقيت بي في مهاوي الغيّ ،ومواقع الضلال ،وأبعدتني عن ساحات رحمتك وطردتني من جنتك ،بسبب هذا المخلوق الضعيف{لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ} المعصية ،وأحوّل الحق في نظرهم إلى باطل ،وأتفنّن في إبداع وسائل الإغواء والإغراء ،وفي تغيير الصورة الحقيقية للأشياء ،فأجعل الحسن قبيحاً عندهم ،وأجعل القبيح حسناً في نظرهم ،وأزيّن لهم الأوضاع المنحرفة الشاذّة ،لتبدو مستقيمة معقولة لديهم ،حتى أصرفهم عنك وعن صراطك المستقيم ،{وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} لأني أملك لكل فريقٍ منهم وسيلةً تمكنني من دخول عقله وقلبه ،فهناك من يغويه الجمال ،أو المال ،أو الجاه ،وهناك من تغويه العصبية ،وتتحكم به الأنانية ،وهناك من تلعب به الأوهام ،وتضيّعه الأحلام ،وتعبث به الأفراح والالام ..وهكذا أجلب الجميع إلى ساحتي ،حيث الغواية اللاهية العابثة التي ترهق العقل ،وتتعب الفكر ،فلا يهتدي إلى الرشد سبيلاً ،