وإذا كان قد تركهم أمدا ، فلأنه سبحانه قد قرر ذلك في علمه المكنون .
ولذا قال تعالى:{ ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ( 5 )} ، وقد عبر سبحانه وتعالى هنا ب{ أجلها} للإشارة إلى أن الكتاب والأجل بمعنى واحد ، والتعبير في الأول بالكتاب للإشارة إلى أنه مكتوب مسجل مكنون معلوم عند الله تعالى ، وعبر في الثانية ب ( أجل ) للإشارة إلى أن له ابتداء وانتهاء ، لا تسبق الأمة أجلها وإن طغت وبغت ، ولا تستأخره ، أي لا تطلب تأخيره ، ولو طلبت ما أجيبت ؛ ولذا عبر في الأولى ب ( تسبق ) ، وفي الثانية ب ( تستأخر ) ، فمهما طغت لا تسبق أجلها ، ومهما طلبت لا يؤخر أجلها ، وفي التعبير بقوله تعالى:{ وما يستأخرون} إشارة إلى أن العاقبة ليست محمودة لهم ، فمن شأنها أنهم يطلبون تأخيرها ، ولكن مهما يطلبوا لن تؤخر ، بل إنها نازلة في وقتها لا محالة ، وقد كانت الهجرة في ميقاتها ، وكانت الحرب الدائرة عليهم حتى كان أمر الله تعالى:وكان قدرا مقدورا