وإنهم بذلك ارتكبوا إثما مبينا ، وحجبوا أنفسهم عن النور ، وإن الله سبحانه وتعالى سيحاسبهم على ذلك حسابا عسيرا ؛ ولذلك قال تعالى:{ فوربك لنسألنهم أجمعين ( 92 ) عما كانوا يعملون ( 93 )} .
( الفاء ) للدلالة على أن ما بعدها مترتب على ما قبلها ، أي أنه ترتب على اقتسامهم للقرآن ، وجعله متفرقا في زعمهم الباطل ، وإيغالهم في الشرك والفساد إيغالا أضل عقولهم وأقوالهم وأعمالهم أن أقسم الله بربوبيته ، ليسألن عما كانوا يعملون ، وكان القسم بقوله تعالى:{ فوربك} للإشارة إلى أن ذلك من الحياة لرسالتك وجزاء اقترافهم عليها وجحودهم لها .
وجواب القسم{ لنسألنهم أجمعين} ، وقد أكد سؤالهم ب ( نون التوكيد ) ، وب ( لام القسم ) ، وبكلمة{ أجمعين} ، أي أنه لا يعزب أحد عن السؤال ، وليس العقاب هو مجرد السؤال ، وإنما العقاب ما وراء السؤال من عذاب ، وذكر السؤال لبيان أنهم محاسبون على كل ما يفعلون ، وأن الله تعالى عنده علم كل شيء ، وأسند السؤال إليه سبحانه ؛ لبيان جلال الأمر ، وعظم ما يرتكبون ، وإن كانوا يلهون ويلعبون بما يفعلون ، فالله لا يتركهم ، وما الله بغافل عما يعملون .