وإنما الشيطان يحتل بولايته من لا ولاية له مع الله ، وفي نفوسهم فراغ من سلطان الله تعالى ؛ ولذا قال تعالى:{ إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون ( 100 )} ، قصر سبحانه سلطانه{ على الذين يتولونه} ، أي على الذين جعلوا ولايتهم له فاختاروا الهوى على الحق والأوهام على الفعل ، وكان سلطانه بمعنى حجته عليهم ؛ لأنه أغواهم أولا بالأوهام الضالة والأهواء الجامحة المغيرة فكانت حجته الباطلة رائجة عندهم ، وإنما أداة قصر ، أي لا سلطان ولا ولاية على غيرهم إذا ضلوا سواء السبيل ، فأضلهم وفرغت نفوسهم عن الإيمان فملأها بالأوهام .
وقد قال تعالى في وصفهم إذ صار سلطانه عليهم:{ والذين هم به مشركون} وفي هذا توكيد لتوليهم له ، فهم مشركون بسببه أن اعتقدوا في الأحجار الوهمية وهي لا تضر ولا تنفع بسببه ، وأشركوهم مع الله بسبب تحكمه بأوهامه فيهم .