{إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} ،ويخضعون له ،وينسون الله ويذكرونه ،ويبتعدون عن ربهم ويقتربون منه ،ويستسلمون لحبائله وخدعه ،ويهربون من حقيقة الإيمان بالله ،وبهذا تكون كل حياتهم ساحةً للشيطان ،يجول فيها ويصول ؛لأنهم يفتحون كل قلوبهم له ،ويحركون كل عقولهم معه ،ولا يؤمنون إلا به وبما يثيره من قيمٍ زائفة وأخلاق فاسدة ومناهج منحرفةٍ ..هؤلاء المهزومون الخائفون الذي يتولون الشيطان ،{وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ} ؛لأن عيونهم وقلوبهم وعقولهم ،بل وكل حياتهم في غشاوة .
من هنا ،فإن قصة الشيطان مع الإنسان ليست قصة السيطرة المطلقة التي لا يملك معها إرادة الفكاك منها ،ولكنها قصة الإنسان الذي يسلم كل أمره للشيطان ،ويتنازل عن إرادته فلا يحركها في خدمة إيمانه ،وينسى إيمانه فلا يستعيده في حركة حياته ،فيستولي عليه الشيطان ،كما يستولي العدو على أية قلعةٍ غير محصّنة تسقط في يديه مع أوّل بادرة هجوم ،دون أن يلقى أيّة مقاومةٍ تذكر .