وذكر الله تعالى مع ما ذكر من منافع للنعم حمل الأثقال تعالت كلماته:{ وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم ( 7 )} .
الأثقال:جمع ثقل ، وهو ما يثقل حمله ، ويشق بكسر الشين ، وتفتح وهي قراءة بمعنى المشقة ، وإن البلاد العربية كان الحمل فيها بالجمال حتى قيل:إن الجمال هي سفن الصحراء ، أي أنها تنقل الأمتعة والأثقال في الصحراء ، كما تنقل السفينة على سطح الماء .
فالضمير وإن كان يعود إلى الأنعام كلها ، إلا أن حمل الأثقال عند العرب للجمال فقط ، وفي الحق إن حمل الأثقال ظاهره حملها على الظهر ، ولكنه يشمل بالتضمن جرها على العربات ، وأن من البقر ما تجر العربات المحملة ، كما يرى في مصر ، وكما يرى في غيره من البلاد ، وقد رأينا في باكستان الإبل تجر العربات .
وجملة معنى النص ، وتحمل أثقالكم أو تجر ما يحملها إلى بلد نائية عن مقركم لم تكونوا بالغي هذا البلد لنأيه وبعد المسافة إلا بمشقة شديدة .
وإن ذلك من رحمة الله تعالى بعباده ورأفته بهم ؛ ولذلك قال تعالى في ختام الآية الكريمة:{ إن ربكم لرءوف رحيم} ، أي أنه سبحانه يرأف بكم في خاصة أموركم ويرحمكم في عامة أحوالكم ، وفي وجودكم ، وهنا بعض إشارات نذكرها:
أولها – أن الله تعالى عبر ب{ ربكم} للإشارة إلى أن ذلك التمكين من مقتضيات الربوبية والقيام على شئونكم وهو سبحانه وتعالى:الحي القيوم الذي يحيط بكل شيء علما .
الثانية – أنه قال:{ لرءوف رحيم} ، والفرق بين الرأفة والرحمة فيما نحسب أن الرأفة فيما يكون في الإنسان في خاصة أمره من حيث الرفق والتسهيل والتيسير ، والرحمة ما يكون بالإنسانية في عامة أمورها ، وقد تكون الشدة في بعض الأحوال من مقتضيات الرحمة ؛ لأن رحمة الكافة قد تقتضي شدة على الظالمين .
الثالثة – أن الله تعالى أكد وصفه بالرأفة والرحمة ب{ إن} ، وصيغ المبالغة ، وبالجملة الاسمية ، وباللام .