ولقد قال تعالى في نعمة النعم:{ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون ( 8 )} .
بعد أن ذكر سبحانه نعمته في الأنعام ، وما تتخذ منها من منافع ، وما يكون فيها ذكر نعمة في غيرها مما لا يشمله اسمها وكان العرب يجدون فيها متاعا ، وهي الخيل والبغال والحمير ، فإن ، فيها نعمة التمكين من ركوبها أو نعمة أنها تتخذ زينة لهم في غدوهم ورواحهم ، وقد قال تعالى:{ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل والمسومة والأنعام والحرث . . .( 14 )} [ آل عمران] .
فالخيل المسومة من زينة الحياة ، فالخيل ومثلها البغال والحمير تتخذ زينة ، وقد قال العلماء في الخيل ومثلها البغال ، وكلمة الخيل قد يدخل في عمومها البغال ؛ ولذا يكون سهمها في الغزو عند كثير من الفقهاء وعلى رأسهم أبو يوسف صاحب أبى حنيفة رضي الله عنها . إن الخيل تتخذ لأغراض ثلاثة:
الغرض الأول:القنية ، لإنتاج وهذه حسنة في ذاتها ؛ لأن إنتاج في الحيوان كالإنتاج في النبات مستحسن بل مطلوب .
الغرض الثاني:للجهاد ، فإن في نواصيها الخير وذلك مطلوب .
الغرض الثالث:للخيلاء والتفاخر ، والخيلاء منهى عنه .
و الزينة هي ما يكون الخيل من راحة للنفس ، وفرق بين اتخاذها زينة والخيلاء بها ، فإن الخيلاء تفسد القلب ، أما التزين ، أو طلب ما يكون فيه زينة فإنه لا شيء يمس القلب ليفسده .
ولقد قال تعالى بعد ذلك:{ ويخلق ما لا تعلمون} ، أي يخلق ما نعلم وما لا نعلم ، وما كان يعلمه العرب ، وما لا يعلمونه ، ولو أن المتأمل المستبصر تعرف إعجاز القرآن في إخباره بما كان مغيبا في زمان نزوله لوجده في مثل هذه الآية ، فإن مما خلقه الله تعالى مما كان العرب لا يعلمونه ، ولم يكن قط في عصر نزول القرآن – السيارات التي تنهب الأرض نهبا ، والطائرات التي تقطع أجواء الفضاء قطعا ، ومما يجري الآن في عصر الفضاء فإن ذلك كله خلقه الله تعالى ، ومكن الإنسان في عصره ما لم يكن يعلمه ، وسنرى مما يخلق الله ، ويعلمه من بعدنا ، ولا نعلمه نحن .