/م3
{والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالا تعلمون} .
أي:وخلق الخيل والبغال والحمير ،للحمل والركوب ،وهي كذلك زينة وجمال2 .
جاء في حاشية الجمل:
والخيل:اسم جنس لا واحد له من لفظه ،بل من معناه ،وهو فرس ،وسميت خيلا ؛لاختيالها في مشيتها ،والبغال:جمع بغل وهو المتولد بين الخيل والحمير .
والزينة:اسم لما يتزين به الإنسان ، والله تعالى يمتن على عباده بهذه النعمة ، فالجمال المتمثل في الزينةعنصر له قيمةوليست النعمة هي مجرد تلبية الضرورات ، من طعام وشراب وركوب ، بل تلبية الأشواق الزائدة عن الضرورات ،تلبية حاسة الجمال ،ووجدان الفرح ،والشعور الإنساني المرتفع على ميل الحيوان وحاجة الحيوان .
قال القرطبي في تفسيره:
هذا الجمال والتزين وإن كان من متاع الدنيا ، إلا أن الله تعالى ، أذن به لعباده ، ففي الحديث الشريف:( الإبل عز لأهلها ، والغنم بركة ، والخيل في نواصيها الخير )3 . أخرجه البرقاني ، وابن ماجة في السنن .
{ويخلق مالا تعلمون} . أي:من وسائل المواصلات والحمل والركوب ،ما لم يكن يعلمه السابقون ، وسيخلق أشياء لا نعلمها نحن ، وقد وجدت بعد نزول هذه الآية الغواصات التي تمخر عباب الماء ، والأساطيل البحرية للصيد والسياحة والحرب ، ووجدت السيارات والدبابات والمدرعات ، والناقلات العملاقة ، والقاطرات والطائرات وغيرها ، والقرآن بذلك يهيئ القلوب والأذهان للاستفادة من كل جديد .واستغلال التقدم العلمي ،ووسائل التقنية والاختراع ،وتحديث العقل والعلم والصناعة والزراعة ؛ حتى تظل الأمة قوية عزيزة الجانب ، قال تعالى:{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} ( الأنفال:60 ) .
والقوة تقدر في كل زمان بقدرها ، كانت القوة في الرمي ، وتطورت إلى استخدام المدفع والدبابة والقناصة والطائرة والبارجة ، ولا يتم النصر إلا بتطور السلام ؛ ليكون في قوة سلاح الخصم أو يزيد ، ومن قواعد أصول الفقه:مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
وحتى لا يقول بعض الناس:إنما استخدم آباؤنا الأنعام والخيل والبغال والحمير ، فلا نستخدم سواها ، وإنما نص القرآن على هذه الأصناف فلا نستخدم ما عداها ؛ فإن القرآن الكريم قد هيأ الأذهان والقلوب ، للاستفادة من كل نافع ومفيد حين قال:{ويخلق مالا تعلمون}4 .