وإن الله خالق الناس ورب الناس يمدهم بما يريدون من رغبات بما شاء ، ولمن يريد ، ولذا قال عز من قائل:
{ كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا ( 20 )} .
أي كل فريق من هؤلاء وهؤلاء ، وقالوا:إن التنوين هنا عوض عن المضاف إليه ، ونمد نعطى المد ، كمد الجيش ، لا تذهب نعمة إلا أمدهم الله تعالى بنعمة أخرى ، والإشارة في{ هؤلاء وهؤلاء} إلى الذين أرادوا العاجلة وتعجيل الله لهم بمشيئته ومن يريد الله أن يعجل له فهؤلاء هم الأولون ، والآخرون يعطيهم الله حرث الآخرة إذا قصدوا ما عند الله وسعوا سعيها بالبر والعمل الصالح ، وكان الإيمان يظلهم ، فالإشارة في الحالين إلى صفات كل منهما في طلبه ، وثنى هؤلاء ، فقال:{ هؤلاء وهؤلاء} ؛ لأنهما نوعان مختلفان في الطلب والجزاء والأوصاف ، وما بترتب على هذه الأوصاف .
وقال:{ من عطاء ربك} والإضافة إلى الرب فيه إشارة إلى أنه عطاء لا ينفذ ولا ينتهي ، فالله هو رب الوجود وهو الذي يمده بالحياة ، ويمده بالمدد المستمر
الذي لا ينقطع ،{ وما كان عطاء ربك محظورا} ، أي ممنوعا ؛ لأنه ليس فوقه أحد يمنعه ، وهو معط لا يمنع ، ولكن يجازى كلا بجزائه ، فإن شكر كان له النعيم المقيم ، وإن كفر بنعمته وأنكرها فإن له عذاب الجحيم .